جمهورية صوماللاد.
جامعة برعو .
كلية الدراسات العليا .
قسم الشريعة والقانون / تخصص فقه المقارن .
خطة مقدمة لنيل درجة ماجستير في الفقه .
العنوان :
الإسعانة بالكفار ؛ حكمها أدلتها .
إعداد :
نوح إسماعيل فارح.
المشرف العلمي :
دكور/ أحمد محمد حمود السنان الكامل
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلله فلاهادي له وأشهد ألّا إله إلّاالله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] .
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71] .
«أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة» .[1]
أما بعد فإن من أوجب الواجبات على المسلمين الجهاد في سبيل الله بالسيف والسنان بقدر الإستطاعة – وقد يبارك الله العمل القليل – فمن لم يكن لديه القدرة باليد فعليه الجهاد باللّسان ، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – في صحيح مسلم :
(من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) .[2]
ولا أحد من المسلين لايسطيع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولاسيما العلماء فعليهم ما بوسعهم من الأمربالمعرو والنهي عن المنكر ؛ وتعليمهم الناس بالعلم النافع من الكتاب والسنة وهو أفضل الجهاد .
وأردت أنْ أوضح أمراً في غاية من الأهمية وهو : حكم الإستعانة بالكفار، وكثير من الناس جهل عن أحكامه ؛ وأسأل الله سبحانه وتعالى أنْ ييسرلي الإحاطة والإفدة منه .
سبب إختياري هذا الموضوع :
1 ) إنّ لهذا الموضوع أهميته ولاسيما في هذا العصر لحاجة الناس الى معرفة حكم الإستانة بالكفار وأقسامه ، وأحواله ، وكيفية التعامل بالكفار ، ومن يُتَعامَلُ منهم ، وكيفية المعاداة من يعادى منهم .
2 ) إنّ كثيراً من الناس من طرفي نقيض في أحكام الكفار فنهم من يقف من غير المسلمين موقفاً سلبياً عدائياً ، لايفرق بين حربي وذمي ومستأمن، ومنهم من يتعامل الجميع معاملة العداء والإنقطاع التَّام ، بل إنّ كثيراً منهم قد يضع المسلم في ميزان الكفار ويحارب المسلمين محارية الكفار ( نسأل الله الستروالسلامة ) ؛
ومن الناس من يقف من غير المسلمين موقفاً متساهلاً طابعه الصداقة والمحبة ويواليهم ولاءً لايفرق بين المسلم وغير المسلم ؛ فلابد من توضيح هذه الأمور، وتبيين فروقها .
3 ) أنْ يكون المؤلَّفُ مؤلَّفاً مختصراً ومع ذلك مكملاً الأحكام المتعلقة بالموضوع .
أهداف البحث :
1 ) معرفة الناس حكم هذه المادة معرفة تامة .
2 ) إهتداء الناس الى هذه المادة بسهولة ويسر .
3 ) فصل المادة عن غيرها وجعلها مؤلَّفاً مستقلاً عن غيره .
مشكلة البحث :
1 ) قلة الزمن المحدد للبحث .
2 ) قلة المؤلّفات المستقلة المخصصة لهذه المادة .
الدراسات السابة :
من الدراس السابقة :
1 – الخلاصة في حكم الإستعانة بالكفار في القتال ؛ لعلي بن نايف الحشود .
وهو كتاب مفيد في بابه ولكنَّه ملخص متكون من 112 صفحة ، تكلم فيه ثلاثة مباحث وهم : المبحث الأول = حكم الإستعانة بغير المسلمين في قتال الكفار .
المبحث الثاني = كحم الإستعانة بغير المسلمين في قتال المسلمين .
المبحث الثالث = حكم مساعدة الكافرين ضد المسلمين .
ذكرالأقوال في هذه المباحث الثلاثة ثم ناقش الأدلة وعلل فذكر الراج منها.
2 – التعامل مع غير المسلمين ، وأصول تعاملهم واستعمالهم ، وهو دراسة فقهية . وهذا الكتاب بتأليف أ د عبدالله بن إبراهيم الطريقي ؛ وهو أستاذ بالمعهد العالي للقضاء، بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .
وهذا البحث هو الذي حصله المؤلِّف درجة الدكتوراه ؛ قدمها الى المعهد العالي للضاء 1406هـ ، ونال بها شهادة دكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى .
وهذا المكتاب :
أ – كتاب مطول نوعاً ما مكون من 444 صفحة ووضع فيه كثيراً من الأحكام.
ب – ولكثرة عناوينه قد يراه بعض الناس أنَّها متداخلة والأفضل لها أنْ يجمع بعضها في بعضٍ .
3 – أحكام التعامل مع غير المسلمين والإستعانة بهم في الفقه الإسلامي . ألَّفه الدكتور عبدالحكيم أحمد محمد عثمان ؛ أستاذ قسم فقه المقارن من كلية الشريعة والقانون من جامعة أزهر .
وهذا الكتاب :
أ – كتاب مطول كالَّذي قبله عدد صفحاته 487 صفحة ، والكتاب إذا هو يتكلم بمادة واحدة فالأحسن له أنْ يكون حجمه أقلَّ من هذا الحجم نوعاً ما .
ب – حجمه كبير وعناوينه كثيرة كالّذي قبله ، وقد يرى بعض الناس أنْ يكون أقلَّ من ذلك .
وأحبُّ أنْ يكون بحثي إنْ شاء الله غير المطول الممل ولا المختصر المخل ، ويناقش في الأمور المستجدة بعد كتاب أ عبد الله الطريقي .
خطة البحث
1 – المقدة .
2 – سبب إختيار الموضوع .
3 – أهداف البحث .
4 – مشكلة البحث .
5 – الدراسات السابقة .
وقدإشمل البحث على ستة فصول ، وخاتمة ، وتوصيات .
الفصل الأول : الإسعانة بالكفار في قتال الكفار ؛ وفيه ثلاثة مبحث :
المبحث الأول : المجيزين بالإستعانة بالكفار في قتال الكفار وأدلتهم .
المبحث الثاني : المانعين بالإستعانة بالكفار في قتال الكفار وأدلتهم .
المبحث الثالث : المناقشة بأدلة الفريقين والراجح منها .
الفصل الثاني : الإستعانة بالكفار في قتال المسلمين ؛ وفيه مبحثان .
المبحث الأول : الإستعانة بالكفار في قتال أهل البغي .
المبحث الثاني : الإستاعانة بالكفار في قتال الدولة المسلمة.
الفصل الثالث : من يخضع لأحكام الإسلام من الكفارومن لايخضع ؛ وفيه ثلاثة مباحث .
المبحث الأول : من يخضع لأحكام الإسلام ويلتزم بها .
المبحث الثاني : من يخضع لأحكام الإسلام مدة من الزمن .
المبحث الثالث : من لايخضع لأحكام الإسلام على الإطلاق .
الفصل الرابع : المعاملات المباحة مع غيرالمسلمين ؛ وفيه خمسة مباحث :
المبحث الأول : التعامل مع غير المسلمين في البيع والشراء .
المبحث الثاني : مالايجوز بيعها لغير المسلمين .
المبحث الثالث : حرمة التعامل مع غير المسلمين في الربا .
المبحث الرابع : حرمة الإستِيهاب من الكفار .
المبحث الخامس : التعاون التعليمي مع الكفار .
الفصل الخامس : أحكام من تشبه بالكفار ؛ وفيه مبحثان :
المبحث الأول : تعريف التشبه بالكفار وضابطه وحكمه .
المبحث الثاني : الأدلة الواردة بالتشبه بالكفار .
الفصل السادس : أحكام الإقامة في بلاد الكفار ؛ وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : الإقامة بين الكفار لمن أسلم وهو في دار الكفر .
المبحث الثاني : حكم السفر الى بلاد الكفار.
المبحث الثالث : إلتجاء المسلمين بالدول الكافرة .
الخاتة .
المصادر والمراجع .
المفهرسة .
الفصل الأول : الإستعانة بالكفار في قتال الكفار ؛ وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : أقوال المجيزين في الإسعانة بالكفار في قتال الكفار وأدلتهم.
المبحث الثاني : أقوال المانعين بالإستعانة بالكفار في قتال الكفار وأدلتهم.
المبحث الثالث : مناقشة أدلة الفريين والراجح منها .
المبحث الأول : أقوال المجيزين في الإستعانة بالكفار في قتال الكفار وأدلتهم :
تعريف الكفر :
الكفرلغة مصدر كَفَرَ يَكْفُرُ كُفْراً .
يقول ابن فارس : ” الكاف والفاء والراء أصل صحيح يدل على معنى واحد ، وهو الستر والتغطية … والكفر ضد الإيمان ، يسمى بذلك تغطية الحق ” .
وأمّا في فالشرع : الكفر ضد الإيمان ، ” وقيل جحد مالايتم الإسلام بدونه “.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: ” الكفر عدم الإيمان بإفاق المسلمين “.
وقال أهل السنة والجماعة بأنَّ الكفر يكون بالإعتقاد ، أوالقول ، أوالعمل ، وأنَّ الكفر بالقول والعمل يقع بمجره ، دون إشتراط إقترانه بالتكذيب أو عدم الإنقياد .
وعرفه آخرون : ” والكافر هو من لم يؤمن بوحدانية الله سبحانه وتعالى أو بنبوة محمد – صلى الله عليه وسلم – أوشريعته أوبثلاثتها ” .
وبعبارة موجزة : هو من لم يعتنق بدين الله الحق ( الإسلام) .
وأجمع العلماء من أهل المذاهب على كفر من جحد ما هو معلوم من الدين بالضرورة ، وذلك لأن الدين لايجوز التفريق فيه ، بأن يؤمن الإنسان ببعض ويكفر ببعض كما قال الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا } [النساء: 150، 151]
وقال أيضاً : {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [الأنفال: 39]
وقال العلماء : كل طائفة إمتنعت عن شريعة من شرائع الإسلام تقاتل حتى يكون الدين كله لله ؛ وهذا مجمع عليه بين العلماء من أهل المذاهب –والله أعلم- : كالصلاة والصيام والحج وغير ذلك ؛ وإن كان يشهد أن لااله إلّاالله وأنّ محمداً رسول الله .
وهذا الكلام حجة على كثير من الناس أو من الفرق المنتسبين الى الإسلام وليسوا هم من الإسلام في شيء ، بل كثير منهم أسِّس لتهديم الإسلام من الداخل ؛ فيجب على المسلمين أن يكونوا حذرين من كيد الكائدين وخيانة الخانين .
وذلك حجة على المارقين من دين الإسلام الذين يسبُّون رب البرية أو يسبُّون النبيَ صلى الله عليه وسلم أو يسبُّون الملَّة أوالدين وما إلى ذلك ممّا لاخلاف في ردته وخروجه من الدين .
والإستعانة بغير المسلمين في قتال الكفار وفيه قولان :
فالقول الأول : هو جواز الإستعانة بغير المسلمين في القتال ضد الكفار إذا دعت الضرورة إليه بشرط أن يأمن المسلمون جانب الكفار المسعان بهم ، وأن يكون حكم الإسلام الظاهربعد غلبتهم على الكفار وهذا مذهب الحنفية والشافعية ، والظاهرية ،وإحدى الروايتين من مذهب الحنابلة ؛ واستدلوا :
من الكتاب :
قول الله عالى : {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ } [الأنفال: 60]
ومن السنة :
1 ) حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل ممن يدعي الإسلام : ( هذا من أهل النار ) فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالاً شديداً وقد مات فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( الى النار)، قال : فكاد بعض الناس أن يرتاب ، فبينما هم على ذلك ، إذ قيل إنَّه لم يمت ولكن به جراحاً شديداً، فلما كان من اللّيل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقال : ( الله أكبر أشهد أنِّي عبد الله ورسوله ) ثمّ أمر بلالاً فنادى بالناس : { إنَّه لايدخل الجنّة إلَّا نفس مسلمة ، وأنَّ الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر }. [3]
2 ) قال جبير سألت رجلاً من أصحاب رسول الله عن الهدنة فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ستصالحون روم صلحاً آمناً ، فتغزون أنتم وهم عدواً من ورائكم ، فتُنْصرون وتغنمون وتسلمون ، ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج ذي تلولٍ ، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب فيقول غلب الصليب ، فيغضب رجل من المسلمين فيدقه ، عند ذلك يغدر الروم وتجمع للملحمة } .[4]
3 ) عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه، قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا نعلم بخبر القوم الذين جيشوا لنا، فاستقبلنا وادي حنين، في عماية الصبح، وهو وادي أجوف، من أودية تهامة، إنما ينحدرون فيه انحداراً، قال: فوالله إن الناس ليتابعون، لا يعلمون بشيء، إذ فجئهم الكتائب من كل ناحية، فلم ينتظر الناس أن انهزموا راجعين، قال: وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، وقال: «أين أيها الناس؟، أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله»، وكان أمام هوازن رجل ضخم، على جمل أحمر، في يده راية سوداء، إذا أدرك طعن بها، وإذا فاته شيء بين يديه، دفعها من خلفه، فرصد له علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، ورجل من الأنصار كلاهما يريده، قال فضرب علي عرقوبي الجمل، فوقع على عجزه، وضرب الأنصاري ساقه، فطرح قدمه بنصف ساقه، فوقع، واقتتل الناس، حتى كانت الهزيمة، وكان أخو صفوان بن أمية لأمه، قال ألا بطل السحر اليوم، وكان صفوان بن أمية يومئذ مشركا في المدة، التي ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له صفوان: اسكت فض الله فاك، فوالله لأن يليني رجل من قريش أحب إلي من أن يليني رجل من هوازن[5]
4 ) ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه صالح أهل مكة على وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين ودخل حلفاؤهم من بني بكر معهم وحلفاؤه من خزاعة معه فعدت حلفاء قريش على حلفائه فغدرو بهم فرضيت قريش ولم تنكره فجعلهم بذلك ناقضين للعهد واستباح غزوهم من غير نبذ عهدهم إليهم لأنهم صاروا محاربين له ناقضين لعهده برضاهم وإقرارهم لحلفائهم على الغدر بحلفائه [6]
5 )عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة، قلد النبي صلى الله عليه وسلم الهدي، وأشعر وأحرم بالعمرة، وبعث بين يديه عينا له من خزاعة يخبره عن قريش، وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بغدير الأشطاط قريبا من عسفان أتاه عينه الخزاعي، فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا لك الأحابيش وجمعوا لك جموعا، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أشيروا علي أترون بأن أميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم؟ فإن قعدوا قعدوا موتورين، وإن نجوا يكونوا عنقا قطعها الله، أم ترون أن أؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه؟» فقال أبو بكر: الله ورسوله أعلم يا نبي الله، إنما جئنا معتمرين ولم نأت لقتال أحد ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه[7]
وقال ابن القيم معلقاً على صلح الحديبية ، ومنها : أنَّ الإستعانة بالمشرك المأمون في الجهاد جائزة عند الحاجة لأنّ عينه الخزاعيّ كان كافراً إذ ذاك وفيه من المصلحة أنَّه أقرب الى إختلاطه بالعدو وأخذه أخبارهم . [8]
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح : وفيه جواز استنصاح بعض المعاهدين وأهل الذمة إذا دلت القرائن على نصحهم وشهدت التجربة بإيثرهم الى أهل الإسلام على غيرهم ولوكانوا من أهل دينهم ويستفاد منه جواز إستنصار بعض ملوك العدو إستظهاراً على غيرهم ولايعد ذلك من موالاة الكفار ولا مواداة أعداء الله بل من قبيل إستخدامهم وتقليل شوكة جمعهم وإنكاء بعضهم ببعض ولايلزم من ذلك جواز الإستعانة بالمشركين على الإطلاق . [9]
المبحث الثاني أقوال المانعين للإسعانة بغير المسلمين وأدلتهم :
القول الثاني : هو تحريم الإستعانة بغير المسلمين في قتال الكفارإلّا إذا دعت الضرورة للإستعانة بهم وهذا مذهب المالكية والرواية عند الحنابلة .
ومن أدلتهم :
من القرآن الكريم :
قول الله تعالى : { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود: 113]
وقال الله تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]
وقال تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 118]
وقال الله سبحانه وتعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [الممتحنة: 1، 2]
وقال سبحانه وتعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 57]
ومن السنة النبوية :
1 ) عن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر، فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه، فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت لأتبعك ، وأصيب معك، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تؤمن بالله ورسوله؟» قال: لا، قال: «فارجع، فلن أستعين بمشرك»، قالت: ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل، فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أول مرة، قال: «فارجع، فلن أستعين بمشرك»، قال: ثم رجع فأدركه بالبيداء، فقال له كما قال أول مرة: «تؤمن بالله ورسوله؟» قال: نعم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فانطلق».[10] »
2 ) عن خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب، عن أبيه، عن جده قال: ” خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزواً، فأتيته أنا ورجل من قومي ولم نسلم ، فقلنا: إنا نستحيي أن يشهد قومنا مشهداً لا نشهده معهم، قال: «أسلمتما؟» قلنا: لا، قال: «فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين» قال: فأسلمنا وشهدنا معه .[11]
3 ) عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى خَلَّفَ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ فَرَأَى كَتِيبَةً حَسْنَاءَ فَقَالَ: ” مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: بَنِي قَيْنُقَاعٍ وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَهُوَ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ فَقَالَ: «أَسْلَمُوا؟» قَالُوا: لَا، قَالَ: «قُولُوا لَهُمُ ارْجِعُوا؛ فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ “. [12]
4 ) عن أبي موسى رضي الله عنه: أن عمر رضي الله عنه أمره أن يرفع إليه ما أخذ وما أعطى في أديم واحد , وكان لأبي موسى كاتب نصراني , يرفع إليه ذلك , فعجب عمر رضي الله عنه , وقال: ” إن هذا لحافظ ” وقال: ” إن لنا كتابا في المسجد , وكان جاء من الشام فادعه فليقرأ ” , قال: أبو موسى: إنه لا يستطيع أن يدخل المسجد , فقال عمر رضي الله عنه: ” أجنب هو؟ ” , قال: لا , بل نصراني قال: فانتهرني , وضرب فخذي , وقال: ” أخرجه ” , وقرأ {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [المائدة: 51] ” قال أبو موسى: والله ما توليته , إنما كان يكتب قال: أما وجدت في أهل الإسلام من يكتب لك؟ لا تدنهم إذ أقصاهم الله , ولا تأمنهم إذ خونهم الله , ولا تعزهم بعد إذ أذلهم الله , فأخرجه, .[13] “
ومن المعقول :
أنَّ الكافر غير مأمون على المسلمين ، فأشبه بالجذل والمرجف كما أنَّ الكافر لايؤن مكره وغوائله لخبث طويته ، والحرب تقتضي المناصحة والكافر ليس من أهلها بل إنَّه متربص لنا شر الدوائر {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً} [النساء: 102]
فإنْ قيل إنَّ هذه النصوص التي أوردتموها كلها في رفضه – عليه الصلاة والسلام – الإستعانة بالأفراد أمّا عدم الإستعانة بالدولة الكافرة فلم يرد فيه نص يمنعه ، فالجواب أن يقال :
أولاً : قوله صلى الله عليه وسلم :{ لن أستعين بمشرك } الشرك هنا نكرة جاءت في سياق النفي واتفق علماء الأصول على أنَّها تفيد العموم ، فيعمُّ اللَّفظ كلَّ مشرك مفرداً كان أوجمعاً أو دولة .
ثانياً : الضرر المتوع وخطر المحتمل من الإستاعنة بالفرد الكافر أخف من ضرر المتوقع على الإستعانة بالدولة لإنّ الفرد سيكون تحت سيطرة المسلمين ومراقبتهم له ، والدولة فإنّ قوتها وقدرتها على يقاع الضرر بالمسلمين أكثر من قدرة الفردالمتوقع حصولها ضد المسلمين فعلى هذا يكون تحريم الإستعانة بالدولة الكافرة أولى وأهم من تحريم الإستعانة بالفرد الكافر ، وبهذا يتبين أنَّ الإستعانة بالكافر لايجوز مطلقاً سواء أفراداً كانوا أو دولاً .
المبحث الثالث : مناقشة الأدلة والرجيح :
أ – المناقشة بأدلة المانعين :
قال المجيزون :
1 ) أنَّ أدلة المانعين كلها منسوخة بأدلة الجواز وذلك أنّ أدلة المنع من الإستعانة كانت في بدر، وأدلة الجواز كان في أحد وحنين ، وهي متأخرة عن أدلة منع الإستعانة .
2 ) وقالوا أيضاً تحتمل هذه الأدلة أنَّها جاءت للتفرقة بين أهل الكتاب والمشركين ؛ فأهل الكتاب تجوز الإستعانة بهم ، وأمّا المشركون فلا يستعان بهم .
ب – المنقشة بأدلة المجيزين :
1 ) أنَّ الآية التي إستدلها المجيزون – وهي قول الله : {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: 60] – آية عامة بالإستعداد وإظهار القوة أمام الأعداء بالقدر المستطاع ، وليس فيها إستدلال يدل الإستعانة بالكفارعلى قتال الكفار، وأحاديث منع الإستعانة بالمشركين في قتال المشركين تفسر الأية وعامة على المشركين وأهل الكتاب .
2 ) أنّ الرجل الذي ذكر في حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- رجل منافق ( ظاهره إسلام ويبطن كفراً ) لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: في مسند الشهاب
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: “لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ , وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ”[14]
وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يستعنه بل أخبرنا عن باطنه ؛ وأحكام الآخرة والثواب يترتب بما في القلوب (لأنّ الأعمال بالنيات وليس للمرء إلَّامانوى)، ونحن نحكم بالمرء ما ظهرلنا منه ، وكان ظاهره الإسلام قبل إخبار النبي صلى الله عليه وسلم منه وليس معنى ( إنَّ الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفجر) إستعينوا بالكافر، أو أنّه يدخل الجنّة لأنّ القاتل نفسه من أهل النار عياذاً بالله .
ومع هذا فإنَّ كلمة (فاجر) لا تدل على كفرٍ بحد ذاتها بل إنَّها تدل إثمٍ وإجرامٍ .
3 ) وإنَّ حديث مصالحة الروم والغزو معهم فإنّه من باب الإخبار عمّا سيحدث في آخر الزمان فقط ؛ وأنّه عَلَم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم ، ويدل ذلك بأنّ الروم سيغدرون عهدهم مع المسلمين ، وهذا يدل عدم أمنِ مكرالكافرين وكثرة غدرهم. وليس في الحديث دليل ظاهر يدلُّ إستعانة المسلمين بالكافرين في القتال .
4 ) وأمّا إستعانة النبي صلى الله عليه وسلم بخزاعة: قال بعضهم أنّ زاعة كانت مسلمة في ذلك الحين ، وإذا لم يكن هذا صحيحاً فهو الدليل الوحيد الذي نستطيع أن نقولَ أنّ النبي صلى عليه وسلم إستعان بالكفار في حروبه بتحالفه بني خزاعة ؛ وقد تكون سياسة من النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يفرق بين قوة الكفار لألّا يقاتلوه مرة واحدة ، وإستعانته بعينه الخزاعي الذي إستعانه في الحديبية ربما أنّها حالة خاصة فيها مصلحة خاصة لأنّ هذا العين أقرب إلى إختلاطه بالعدوِّ وأخذه أخبارهم .
5 ) ومع هذا أنّ النّبِي لم يطلب من صفوان بن أمية الإعنة ، بل إستعار منه دروعاً يوم حنين ؛ وإنّ صفوان هو الذي شهد الواقعة بنفسة دون طلب من المسلمين .
ومن الفقهاء من يرى الإسعانة بالمشركين من غير إتفاق أو معاهدة أوحِلْف أي إذاخرجوا طوعاً مع المسلمين ، قال الشافعي :” فلا بأْس أنْ يُسْتعان بالمشركين على قتال المشركين إذا خرجوا طوعاً ” . [15]
وأن الجواز مع الحاجة ورجاء النفع ، والرد مع عدمهما أو أحدهما يكون ذلك مفوضاً الى نظر الإمام . [16]
6 ) وقولهم : إنّ أدلة المانعين منسوخة بأدلة المجيزين بعيدة كل البعد ، لأنّ المسلمين كانوا أضعف وأحوج بإستعانة الغير في بدر وأحد بما كانوا في حنين وكان عسكره – صلى الله عليه وسلم – أكثر من إثنى عشر ألفاً في غزوة حنين ، وقد قال الله تعالى في كتابه : {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25]
لأنَّ الكثرة أعجبت من أعجبت من المسلمين لأنهم كانوا إثني عشر ألفاً وقيل أحد عشر ألفاً وقيل ستة عشرألفاً فقال بعضهم (لن نغلب اليوم من قلة ) ، فوكلوا إلى هذه الكلمة فلم تغن الكثرة عنهم شيئاً ، بل إنهزموا وثبت رسول الله صلي الله عليه وسلم وثبت معه طائفة يسيرة منهم : عمه العباس وأبو سفيان بن الحارث ونفرٌ ، ثم تراجع المسلمون ، فكان النصر والظفر.
7 ) وقولهم : بأنّ الأدلة جاءت للتفرقة بين أهل الكتاب والمشركين وأنّ النّبي إستعان بيهود قينوقاع فالآثار الواردة كلها ضعيفة وقال البيهقي :” وأمّاغزوه – صلى الله عليه وسلم – بيهود قينوقاع فإنّي لم أجده إلًّا من حديث الحسن بن عمارة وهو ضعيف . وقال الشافعي : ما روي أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم إستعان بناس من اليهود فهو منقطع الإسناد والمنقطع لايكون حجة .
8) وإذا قلنا فرضاً وتقديراً أنّ النّبي – صلىالله عليه وسلم – قد إستعان بالمشركين فإنهم كانوا أفراداً ورجحان مصلحتهم للمسلمين فيهم واضحة كما هو الحال في قصة عبدالله بن أريقط الديلي دليل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الهجرة . أوطائفة تحت قيادة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتحكمه كما في قصة بني قينوقاع التي قيل أنّ رسول الله إستعان بهم في جهاده ، إذا فرضنا بصحة قصتهم.
9) إتفق المانعون والمجيزون على إشتراط الضرورة في الإستعانة بالمشركين على قتال المشركين ، فإذن لاأحد يجيز بإستعانة الكفار على إطلاقها .
الراجح عندي والله أعلم :
أ – أنَّ ادلة المانعين أقوى من أدلة المجيزين لكثرتها ولصرامة أدلتهم .
ب – أنَّه لايجوز إستعانة الكفّار على قتال الكفَّار إلّا بإجتماع الشروط وهي :
1 – أنْ تكون الغلبة والأمر للمسلمين بعد الظهور .
2 – أنْ يؤمنَ من مكرهم ومخادعتهم في جميع الأحوال .
3 – أن لا تكون لهم راية خاصة لهم بل هم تحت راية المسلمين .
4 – الَّا يستعان إلَّا للضور ، والضرورة تقدر بقدرها، ولايقدها أهلها وهم العلماء الربّانيون – الّذين لايخافون لله لومة لائم – .
5 – أنْ يكون عدد المسلمين أكثر منهم ، بحيث لوخانوهم وانضموا الى الأعداء لأمكنت مقاومتهم جميعاً.
الفصل الثاني : الإستعانة بالكفَّار في قثال المسلمين ؛ وفيه مبحثان :
المبحث الأول : الإستعانة بالكفّار في قتال أهل البغي .
المبحث الثاني : الإستعانة بالكفّار في قتال دولة مسلمة .
المبحث الأول : الإستعانة بالكفّار في قتال أهل البغي :
قبل أن ندخل في حكم الإستعانة بالكفار في قتال أهل البغي ، نتعرف من هم البغات وهل يجوز للإمام قتالهم ؟.
أ – عنى البغي :
البغي يطلق في اللغة ويراد به عدة معانٍ منها :
1 – الطلب . بَغَيته أبْغيه : طلبته .
2 – التعدّي ومجاوزة الحد . يقال : بغى الرجل علينا بغياً : عدل عن الحق واستطال ، وكل مجاوزة وإفراط على المقدارالذي هو حدُّ الشيء بغيٌ .
3 – قصد الفساد . يقال : فلان يبغي على الناس إذا ظلمهم وطلب أذاهم .
4 – الظلم . وبغى الوالي بمعنى ظلم .
5 – الكذب . وبغى بغياً معنى كذب. لقول الله عالى : { وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَاأَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا } [يوسف: 65].
وفي الإصطلاح :
فيعرف الحنفية البغات بأنهم :” كل فرقة لهم منعة يجتمعون ويتغلبون ويقاتلون أهل العدل بتأويل ، ويقولون : الحق معنا ويدَّعون الولاية” .
والبغي عند المالكية :” هو الإمتناع من طاعة من ثبتت إمامته في غير معصية بمغالبة ولو تأولاً ” .
ويعرف الشافعية البغات بأنّهم : ” الخارجون عن الطاعة لإمام أهل العدل ، ولو جائراً، بإمتناعهم من أداء حق توجه عليهم ، بتأويل فاسد لايقطع بفساده ” .
ويعرفه الحنابلة بأنّهم :”قوم من أهل الحق ، يخرجون عن قبضة الإمام ويرومون خلعه لتأويل سائغ ، وفيهم منعة يحتاج في كفِّهم إلى جمع الجيش ” .[17]
وتعريف الموسوعة الفقهية الكويتية أخصر وهو:
البغي في اللغة مصدر بغى، وهو معنى علا وظلم وعدل عن الحق واستطال . ومنه قول الله عالى : {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9]
والبغات في الإصطلاح: هم الخارجون على الإمام الحق بغير حقٍّ ولهم منعة .[18]
والتعريف الأخير أخصر التعاريف وأجمعهم ، وفيه شروط يجب توفرها عند البغاة وهي :
1 – خروجهم عن طاعة الحاكم الذي أوجب الله طاعته على المسلمين في قوله : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]
وفي الصحيحين وغيرهما:
عن جنادة بن أبي أمية، قال: دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض، فقلنا: حدثنا أصلحك الله، بحديث ينفع الله به سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا: «أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان».[19]
2 – أنْ يكون الإمام هوالحق الذي تجب طاعته .
3 – أنْ يكون الخروج من جماعة لها شوكة وقوة بحيث يحتاج الحاكم في ردهم الى الطاعة الى إعداد رجال ومال وقوة .
4 – أنْ يكون لهم تأويل سائغ أو محتمل ، فإنْ لم يكن لهم تأويل أصلاً ولميخرجوا لإجل الدِّين فليسوا ببغاة ، وإنَّما يعاملون بمعاملة المحاربين الذين ورد أمرهم في قول الله : {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33]
5 – أن يكون لهم رئيس مطاع يكون مصدراً لقوتهم ؛ لأنّه لاقوة لجماعة لا قيادة لها .
ب – هل يجوز للإمام قتاله على أهل البغي ؟
إختلف العلماء في حكم قتالهم على قولين :
القول الأول : فإذا وجدت الشروط وجب قتال أهل البغي الخارجين عن الإمام بعد دعوتهم الى الوفاق والصلح فإن أقاموا على بغيهم وجب قتالهم على قول جمهور العلماء ، لقول الله سبحانه وتعلى : {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ } [الحجرات: 9]
ولاإشكال على أنّ القتال على الطائة الباغية من إختصاص الإمام .
عن سويد بن غفلة، قال: قال علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: “يأتي في آخر الزمان قوم، حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة” .[20]
وقال الشافعي رحمه الله : أخذت السيرة في قتال المشركين من النّبي صلى الله عليه وسلم وفي قتال المرتدين من أبي بكر رضي الله عنه وفي قتال البغاة من علي رضي الله عنه .[21]
وقال الجصاص : لم يختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب قتل الفئة الباغية بالسيف إذا لم يردعها غيره ألا ترى أنهم كلهم رأوا قتال الخوارج ولو لم يروا قتال الخوارج وقعدوا عنهم لقتلوهم وسبوا ذراريهم ونساءهم . [22]
وبهذه الأدلة يجب على الإمام قتال أهل البغي إذا أصرُّوا على بغيهم بعد إققامة الحجة عليهم .
وأنَّه لايجوز للحاكم أن يسنعين للكفار على قتالهم كما لايجوز الإستعانة بالكفار على قتال الدولة المسلمة التي حصل بينه وبين حاكمها نزاع أو خلاف ، لأنَّ في الإستعانة بالكافرين تسليطٌ لهم على المسلمين ، ولايجوز لمسلم أن يسلط كافراً على مسلمٍ لقول الله تعالى : { وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141] . وهذا قول الجمهور من أعل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة وأهل الظاهر وهوالراجح .
والقول الثاني : عدم قتال البغاة من المؤمنين واستدلوا على :
1 – قول النبي صلى الله عليه وسلم : “سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر”.[23] والبغاة من المسلمين .
2 – وقوله صلى الله عليه وسلم : “لا ترجعوا بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض “.[24]
3- أنَّ بعض الصحابة كابن عمر وسعد وأسامة بن زيد قعدوا عن القتال مع الإمام علي لأنّهم يرون قتال المؤمن .
والراجح إن شاء الله قول فريق الأول ؛ وأجيب عن قول فريق الثاني ما يأتي :
1 – أنَّ الآية القرآنية أمرت على قتال أهل البغي في قول الله تعالى : { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] .
والأمر يقتضي الوجوب ؛ فإذن يجب قتال البغاة ودفع بغيهم والحديث الأول جاء على تحريم قتال المسلم غير الباغي ؛ وأمّا الباغي المعتدي فلا يدخل في هذا الحديث .
2 – وقول النبي صلى الله عليه وسلم :{ لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض}: ينهى عن أن يتقاتل المسلمون فيما تنيهم ، وإستباحة بعضهم دماء بعضٍ بدون مبرر، والآية خصصت حكم الحديث ودلت من يجوز قتاله من المسلمين .
3 – وأنّ الصحابة الذين قعدوا عن قتال البغاة مع الإمام عليٍّ أنّهم لم يعتقدوا على تحريم قتال البغاة ، بل إنّهم رأوا أنّ الإمام مستغنٍ عنهم ومستكفن بمن معه وقتال البغاة من الواجبات الكفائي إذا قام به بعض الناس سقط عن الباقين ؛ وقد يكون في بعضهم إشكالات أخرى .
إختلف العلماء في إستعانة الكفار على قتال البغاة على قولين :
القول الأول : قال جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وأهل ظاهر : على المسلمين أن يقاتلوهم بأنفسهم دون طلب عون من غير المسلمين ، أنّ أحد قولي الشافعية والحنابلة والظاهرية أجازوا عند الضرورة .
وأدلتهم :
1 – أنَّ البغاة مسلمون والإستعانة بغير المسمين على المسلمبن تسليط الكافرين على المسلمين وقد قال الله في ذلك : { فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141].
2 – المقصود من قتال البغاة هو كفُّهم وتفريق شملهم وردِّهم الى الطاعة ، لا لقتلهم وإبادتهم ، وهذا يتِمُّ بقتال المسلمين العدول لهم لا بقتال الكافرين المتربِّصين للمسلمين . والكفار يتديَّنون بقتلهم ، فهم غير مأْمونين على نفوس المسلمين وحريمهم لما يعتقدونه ديناً من إباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم التي أوجب الله حظرها وأمر بالمنع منها ، فلا يجوز إستعانة الكفار على البغاة فلهذا لاحاجة الى الإستعانة بغير المسلمين على المسلمين .
3 – والإستعانة بغير المسلمين هوتسليط الكفارعلى المسلمين ودخولٌ لهم في شئون المسلمين الخاصة بهم والإطلاع على عوراتهم ومكامن الضعف والقوة فيهم ، بل ربما آل الأمر الى حشد جيوشهم وسلاحهم في بلاد المسلمين بإسم المحافظ على الأمن وفضِّ النزاع ، أو نصرة المستضعفين والمظلومين والأقلية من الناس . وحيث لا يستعان الكفار في قتال الكفارعلى الراجح فمنع إستعانتهم في قتال المسلمين من باب الأولى .
ومما نراه الآن في عصرنا الحاضر تُنهب أموال المسلمين وتُؤخذ خيراتهم وتحتل ديارهم مع أنَّهم دخلوا بإسم المحافظة على النظام والأمن وفضِّ النزاع في أول الأمر، والله يقول : {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا } [النساء: 139] .
وقد قال الإمام الشافعي :
(ولايجوز لاهل العدل عندي أن يستعينوا على أهل البغي بأحد من المشركين ذمي ولا حربي ولو كان حكم المسلمين الظاهر ولا أجعل لمن خالف دين الله عزوجل الذريعة إلى قتل أهل دين الله قال ولا بأس إذا كان حكم الاسلام الظاهر أن يستعان بالمشركين على قتال المشركين وذلك أنهم تحل دماؤهم مقبلين ومدبرين ونياما وكيفما قدر عليهم إذا بلغتهم الدعوة وأهل البغي إنما يحل قتالهم دفعاً لهم عما أرادوا من قتال أو امتناع من الحكم فإذا فارقوا تلك الحال حرمت دماؤهم ) .[25]
فتأمل هذه الجملة وكيف يحذر الإمام عن إستعانة الكفارعلى المسلمين.
وقال الإمام الشوكاني :
(وأما الإستعانة بالكفار فلا جوز على قتال المسلمين ؛ لأنَّهُ من تعاضد الكفر والإسلام على الإسلام ، وقبح ذلك معلوم ودفعه بأدلة الشرع لا يخفى) .[26]
وعلى هذا فلا يجوز تجنيد غير المسلمين في قتال المسلمين وإن كانوا بغاةً .
ولا شك أنَّ مواجهة هذا الأمر وتفصيل أحكامها وتوضيحها للناس وتوحيد صفوف المسلمين بالدرجة الأُولى على كاهل العقلاء والحكماء والقادة من المسلمين ، وعلى علماء الأمة الثقات الربانيين المشهود لهم بالفضل والعلم والورع وصدع الحقِّ وبالردِّ على الشبهات الّتي يثيرها أًصحابها ، والّتي قد تلتبس على كثير من الشباب المُخلص المتحمس للدين الذين يريدون النصرة لدينهم ولإخوانهم المسلمين .
القول الثاني : قول الحنفية ، وهم يرون جواز الإستعانة بغير المسلمين في قتال البغاة من المسلمين . ولكن قال أبوحنيفة : (لا يحل لهم أن يستعينوا بأهل الشرك على أهل البغي من المسلمين ، إذا كان حكم أهل الشرك هو الظاهر ) . فيفهم من عبارته جواز إستعانة الكفار على البغاة إذا كان حكم أهل العدل الظامر .
وأدلتهم :
1 – قتال أهل البغي من أجل إعزاز الدين هو شيء كبير ، فجاز الإستعانة بأهل الكفر على أهل البغي لأجله .
2 – أن الإستعانة بأهل الكفر على البغاة إنما هي كإستعانة الكلاب على البغاة فكما تجوز إستعانة الكلاب تجوز إستعانة الكفار .
مناقشة الأدلة والترجيح .
أ – مناقشة الأدلة المجيزين:
1 – قولهم : بأنَّ قتال أهل البغي من أجل إعزاز الدين صحيح ، لكن عزة الدّين هل لا يتححق إلا بالإستعانة بالكفار ؟؛
أولآً : الصحيح أنّها تتحقق بعدم إستعانة الكفار على البغاة .
ثانياً : إذا قدر بغلبة البغاة المتأولين على الإمام ودخل زمام الحكم في أيديهم ، فإمامتهم تصح ويرجى منهم العدالة ؛ وينصح لهم بألّا يقعوا بما كانوا يفرّون منه من عدم العدالة .
2 – وقولهم : الإستعانة بالكفار كالإسعانة بالكلاب ، هذا غير صحيح لأنه قياس مع الفارغ حيث أنّ الإستعانة بالكلاب ليس فيها منَّة لأحد على المسلمين ولا علواً عليهم بخلاف الإستعانة بالكفار . مع ذلك أنّهم لم يوضحوا كيفية الإسعانة بالكلاب على القتال وعلاقة التماثل بين الحيوان والبشر .
المقارنة بين أدلة الفريقين :
يتضح من إستدلال الفريقين أنَّ أدلة المانعين أقوى وأوضح من أدلة المجيزين ، فلذلك الراجح هو عدم جواز الإستانة بالكفار على قتال البغاة ، ومما يوضح على ذلك بأنّنا قد إشترطنا للإستعانة بالكفار ضد الكفار شروطاً وكأنّها شبه مستحيل ، فإنْ فُقِدَ شرطٌ واحدٌ منها لاتجوز الإستعانة بهم على قتال الكافرين فما بالك بإستعانتهم على قتال المسلمين ؛ بل إنَّه من باب تسليط الكافرين على المسلمين وهذا لا يجوز .
جـ الراجح :
ومما سبق ذكره فإنّ القول بجواز الإستعانة بالكفار على البغاة – حتى إذا كان حكم أهل العدل هو الظاهر- فإنّه قول لم يستقم معه دليل بل يعارض الأدلة الصحيحة المستقيمة ؛ ومن هنا فنصوص أئمة المانعين حاسمة في بيان هذا الحكم ؛ والراجح الأظهر هو منع إستعانة الكفار على المسلمين .
المبحث الثاني : الإستعانة بالكفار في الدولة المسلمة :
الإستعانة بالكفار فلا تجوز على قتال المسلمين لأنه من تعاضد الكفر و الإسلام على الإسلام وقبح ذلك معلوم ودفعه بأدلة الشرع لا يخفى ، والمسلمون أمة واحدة ، وهم يدٌ واحدة على من عاداهم ، والتناصر بين المسلمين واجب لاخفاء فيه ، لحديث النّبيِّ صلى الله عليه وسلم : عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: «تحجزه، أو تمنعه، من الظلم فإن ذلك نصره » . [27]
والتقاطع بين المسلمين والتّنافر والتّشاحن أمور محرمة إجماعاً ، كما جاء في الحديث الصحيح :
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا» متفق عليه واللفظ للبخاري.[28]
والتقاتل بين المسلمين أشدُّ حرمة من ذلك ، وحرمة تسليط الكفار عليهم من باب الأولى ، ولو قدر أن حصل شيء من هذا النوع بين المسلمين فالواجب على المسلمين من ذوي العلم والرَّأي والحكمة والأمر أن يسعوا الى الإصلاح بينهم كما قال الله : {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 9، 10] .
والأصلح للمسلمين أنْ يكونَ لهم إمامٌ واحدٌ ودولة واحدة لتكون كلمتهم واحدة ، كما جاء في الحديث الصحيح : عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الآخر منهما» . [29]
و لايجوز للمسلمين أبداً إستنصارهم بالكفار على إخوانهم المسلمين مهما كانت الأحوال والظروف لأنَّ الإستعانة بالكفار موالاة لهم وركون إليهم ، وقد نهي عن هذا في قوله الله تعالى : {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ } [هود: 113]
وأنّ الإستعانة بهم يورثنا بما لا يحمد عقباه ، لأنّه يقتضي تسليطهم على المسلمين وتمكينهم عليهم والله ويقول : {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141] .
وأنّ في الإستعانة بهم تعزيزاً وتولية لبعض المسلمين على بعضٍ ، وإشعالاً للحروب بينهم وتنافساً على الرئاسة والزعامة وذلك ممّا لا يقرّه الشرع بحالٍ ، بل إنّه يدعو المسلمين في تلك الحالة الى الإصلاح فيما بينهم ، فإنْ كان إحدى الطّائفتين المتحاربين هي المحقة فلْيكن مقصودها من القتال للأخرى دفع بغيها لا لإبادتها ، وذلك يتحقق بدون الإستعانة بالكفار .
والإستعانة بالكفار تمكين لهم على المسلمين وكسر شوكة المسلمين والقضاء عليها ، بل ربّما إبادتم أوطردهم من بلادهم والإستيلاء عليها .
وكفى بالتاريخ شهيداً على مانقول : فالمسلمون في الأندلس كفى مثلاً : وقعت بينهم الفتن العظيمة وإستنصر بعضهم بالنصارى على إخوانهم المسلمين حتىى هلكوا جميعاً وزال سلطان المسلمين من هناك ولم ترجعها الى يومنا هذا بل صارت بلادهم موطناً للنصارى .
وفي عصرنا الحاضر لا يخفى على أحد بما يرتكبه الأعداء من الجرائم والمجازر الوحشية الّتي ترتكب بحق الشعوب المسلمة سواء في سوريا أوفلسطين أوعراق وفي الصين وبورما غيرها ولا ينسى المسلمون ما وقع في بوسنا وهرساغفينا في التسعينات ، والعالم كله متفرج على ما يقع بأهل السنة من تقتيل وتشريد وتهجير في عراق وسوريا .
وبعض المؤسسات السحافة المتابعين بأخبار غزو الأميركي في عراق ذكروا : بأنّ القتلى في عراق وحدها أكثر من مليون نسمة من المسلمين قبل إعلام الأميركيين خروجهم من بلاد قراق عام 2011م ، ولكن هذا العدد ليس بدقيقٍ بل إنّه من تخمينات الإعلاميين ؛ وكذلك نرى ما يقع يومياً في فلسطين بل في كل ساعة من قتلهم وتشريدهم وإستيطان أراضيهم وتضييق الخناق عليهم ؛ وما في سوريا أشدُّ وأقبح من هذا : تكالبت عليهم أعداء أهل السنّة ؛ من اليهود والنصارى والشيعة والملاحدة ؛ والهيئات المسمّى ( هيئات الأمم المتحدة ) المتفرجة على ما يقع بالسنِّيين وما يُفْعل بهم ، بل يرى بعض الناس أنَّ الهيئات المدعوة بهيئات الأمم المتحدة هي المتخصصة على تجسس أهل السنة ، وتحديد أماكن تواجدهم ، وعدد مقاتليهم ، ونوعية أسلحتهم ، وأماكن وجودها ، ومن أين يستوردونها .
ولا أحد يستطيع إحصاء ما وقع في بلدان وأراضي أهل السّنة في هذه السنوات الإخيرة من أضرار نفسية ومادية ، ولأقلام تعجز عن كتابتها ولايحصيها إلّا الله سبحامه وتعالى ( والله المستعان على ما فيه أهل السّنة في هذا الزمان!) .
والإستعانة ضد السلمين لها حالتان:
الحالة الأولى : وهي الّتي تكون القيادة للمسلمين والراية الظاهرة لهم ، حيث تكون الإستعانة بهم على قتال المسلمين تحت راية أهل الإسلام ؛ بأنْ يصير الكفار تابعين لإهل الإسلام – مؤتمرين بأمرهم – فهذه المسألة لها صورتان :
الصورة الأولى : الإستعانة بالكفار في قتال دولة مسلمة عادلة :
مصاعدة للكفار ونصرتهم ضد المسلمين وهذا على إطلاقه لايجوز وقدأجمع العلماء على تحريمه ، ولاخلاف بين أهل الإسلام قاطبة أنّها تعتبر جريمة عظيمة وخطيئة كبيرة ، فاعلها في غاية الفسوق ، إلّا أنّه لايكون بذلك كافراً كُفْراً يخرجه من ملّة الإسلام ، لكنّه على خطرعظيم ؛ لقول الله تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51] ؛ أي بمجرده ليس كافٍ بأن يكون كفراً مخرجاً من الملَّةِ ؛ أمّا لو إنضم الى ذلك ما يوجب الكفر ، كأنْ يكون الفعل لإجل دين الكفر ، أوأنّ مذهب الكافر المخالف للشر صحيح أو أنّ حكم الدولة المسلمة بالشرع لا يناسب العصر ، أو غير ذلك من نوقض الإسلام ، فهذا كفر عقدي ووحده يكفي ولو لم يستنصر بالكفار . ويلاحظ أنّ هذا في الإستعانة ، وأمّا مسألة موالاة الكفار فلها تفصيل آخر ذكره العلماء في محلّه. [30]
وموقف المسلم إزاء تغيره المنكرات يكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان” .[31]
إذ أنّ تغيير المنكر يبتدأُ بالفعل باليد إذا لم يترتب عليه مفاسد أعظم مّما يُغير ، والتغيير باليد هنا لايكون بالسيف وإنّما هو إزالته بدون قتال ولا فتح باب فتنة أكبر من المنكر المراد إزالته .
فإنْ لم يتمكن الشخص من التغيير باليد إنتقل الى التغيير باللّسان ، فإن وصل الحال الي عدم الإستطاعة من التغيير باللّسان بأن كان الشرُّ هو الأغلب على الخير ، فلْيكتف بالغيير بالقلب من كراهة المنكر وتمني زواله بغضه بالشرِّ وبغض أهله وتكثير الدعاء ونشر العلم . ومع هذا فلا مكان للسيف هنا ، لأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرشد اليه ؛ ولمّا في ذلك من الجرِّ للأمة الى ما هو أكبر من تغيير ذلك المنكر خلافاً بالمعتزلة فإنّهم لا يرون حرجاً في حمل السلاح لتغيير المنكر . [32]
وأما الصورة الثانية : وهي الإستعانة بالكفار في قتال دولة مسلمة جائرة ؛ فهذه يختلف حكمها بإختلاف نية فاعلها وقصده :
– فإن كان فاعل ذلك يريد غرضاً دنيوياً : كالسلطة وجمع الثروات فهو جرم عظيم للغاية ؛ وكيف يَجْرَؤُ مسلم على سفك دماء السلمين حتى يَجْرَأَ على الإثخان فيهم بإستعانته أعداء الله الكفرة الذين لايرقبون في مؤمن إلّاً ولاذمة وخيانتهم المسلمين دأبهم وسجيتهم ؟!.
– وإن كان فاعل ذلك يريد إزالة الظلم وإثبات الإستقرار فالأصل أنّ فعله هذا خطأ محض ، ومعصية توجب التوبة وإن كانت دون سابقتها لوجود الشبهة . [33]
وفي الإستعانة بالكفار والإستنصار بهم ضد الدولة المسلة الجائرة تسلط للكفار على المسلمين وهو محر شرعاً .
وأمّا الحالة الثانية : فهي الّتي تكون القيادة للكافرين والرّاية الظاهرة لهم وهي الإنضمام تحت لواء الكفار لحرب المسمين ، وكسر شوكتهم ؛ فهذا من أعظم صور الموالاة للكفار وأخطرها على الإطلاق ، وهي الخيانة العظمى لله ولرسوله والمؤمنين ، وهو كفريخرج من الملّة والعياذ بالله . [34]
والأدلة في هذا كثير منها :
قول الله تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51] .
حيث بيّن الله تعالى أنّ من فعل ذلك فهو منهم ، أي من أهل دينهم ومِلَّتهم فله حكمهم . [35]
وقال الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية :” إنّ الله تعالى ذكره نهي المؤمنين جميعاً أنْ يتخذوا اليهود والنصارى أنصاراً وحلفاءً على أهل الإيمان بالله ورسوله ، وأخبر أنّه من اتخذهم حليفاً ونصيراً وولياً من دون الله ورسوله والمؤمنين ؛ فإنه منهم في التحزب على ورسوله والمؤمنين وأنّ الله ورسوله منه بريئان ….” . [36]
وقال ابن حزم: ” وصحَّ أنّ قول الله تعالى : ( { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51] إنّما هو على ظاهره بأنّه كافر من جملة الكفار فقط وهذا حقٌّ لا يختلف فيه إثنان من المسلمين ” . [37]
ومن أدلتها قول الله عالى : {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: 28] .
قال الإمام الطبري : ” ومعنى ذلك: لا تتخذوا، أيها المؤمنون، الكفار ظهراً وأنصاراً توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك =”فليس من الله في شيء”، يعني بذلك: فقد برئ من الله وبرئ الله منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر =”إلا أن تتقوا منهم تقاة”، إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مسلم بفعل “. [38]
فالإلتجاء الى الكفّارإختياراً ومناصرتهم ضد المسلمين يعد ردة عن الإسلام – والعياذ بالله – .
ونصوص العلما ء في ذلك كثير منها :
1 – قال ابن حزم : “من لحق بدار الكفر والحرب مختارًا محاربًا لمن يليه من المسلمين، فهو بهذا الفعل مرتد له أحكام المرتد كلها من: وجوب القتل عليه متى قدر عليه، ومن إباحة ماله، وانفساخ نكاحه، وغير ذلك ” .[39]
وقال ابن تيمية : وكل من قفز إليهم من أمراء العسكر وغير الأمراء فحكمه حكمهم وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الإسلام ) . [40]
وقال أيضاً : فمن قفز عنهم إلى التتار كان أحق بالقتال من كثير من التتار؛ فإن التتار فيهم المكره وغير المكره وقد استقرت السنة بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلي من وجوه متعددة. منها أن المرتد يقتل بكل حال ولا يضرب عليه جزية ولا تعقد له ذمة؛ بخلاف الكافر الأصلي. ومنها أن المرتد يقتل وإن كان عاجزا عن القتال؛ بخلاف الكافر الأصلي الذي ليس هو من أهل القتال فإنه لا يقتل عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد؛ ولهذا كان مذهب الجمهور أن المرتد يقتل كما هو مذهب مالك والشافعي وأحمد. ومنها أن المرتد لا يرث ولا يناكح ولا تؤكل ذبيحته بخلاف الكافر الأصلي .[41]
وقال ابن القيم ::
“إن الله قد حكم ولا أحسن من حكمه ؛ أنه من تولى اليهود والنصارى، فهو منهم ” ومن يتولهم منكم فإنه منهم ” فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم . وهذا عام، خص منهم من يتولاهم ودخل في دينهم بعد التزام الإسلام فإنه لا يقر ولا تقبل منه الجزية. بل إما الإسلام أو السيف . [42]
وقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب :(اعلم أن نواقض الإسلام عشرة نواقض…….) ثمّ ذكرها ، منها مظاهرة المشركين على المسلمين ، حيث قال : الثامن مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} .[43]
ويقول الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ :
“التولي كفر يخرج من الملة، وهو كالذب عنهم وإعانتهم بالمال ” [44]
ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز: – ” وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم عليهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم، كما قال سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة، آية 51] .[45]
وقال الله تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة: 23] .
وقد أصدرت لجنة الفتوى في الأزهر فتواها في حكم الأحلاف العسكرية مع غير المسلمين ، وجاء فيها :
ولا ريب أن مظاهرة الأعداء وموادتهم يستوي فيها إمدادهم بما يقوي جانبهم ويثبت أقدامهم بالرأي والفكرة وبالسلاح والقوة-سرًّا وعلانية- مباشرة وغير مباشرة، وكل ذلك مما يحرم على المسلم مهما تخيل من أعذار ومبررات، ومن ذلك يعلم أن هذه الأحلاف التي تدعو إليها الدول الاستعمارية وتعمل جاهدة لعقدها بين الدول الإسلامية ابتغاء الفتنة وتفريق الكلمة والتمكين لها في البلاد الإسلامية والمضي في تنفيذ سياساتها حيال شعوبها لا يجوز لأي دولة إسلامية أن تستجيب لها وتشترك معها لما في ذلك من الخطر العظيم على البلاد الإسلامية وبخاصة فلسطين الشهيدة التي سلمتها هذه الدول الاستعمارية إلى الصهيونية الباغية نكاية في الإسلام وأهله وسعيًا لإيجاد دولة لها وسط البلاد الإسلامية لتكون تكأة لها في تنفيذ مآربها الاستعمارية الضارة بالمسلمين في أنفسهم وأموالهم وديارهم ، وهي في الوقت نفسه من أقوى مظاهر الموالاة المنهي عنها شرعًا والتي قال الله تعالى فيها: “ومن يتولهم منكم فإنه منهم”. [46]
ومن ذلك يعلم أنّ الإستعانة بالكفار على المسلمين والحالة هذه لايجوز على إطلاقها لإيِّ دولة إسلامية ، أولإيِّ شخص مسلمٍ ، وهي في الوقت نفسه من أقوى مظاهر الموالاة المنهي عنها شرعاً ، والَّتي قال الله تعالى عنها :{ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ }.
وقد أشار القرآن الكريم الى أنّ موالاة الأعداء إنّما عن مرض في القلوب يدفع أصحابها إلى هذه الذلة الّتي تظهر بموالاة الأعداء ، فقال الله تعالى : {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } [المائدة: 52] .
فهذه نماذج من أقوال العلماء قديماً وحديثاً في المسألة وتكلموا عنها كلاماً مفصلاً شافياً ويحيط المسألة من جميع جوانبها ؛ ولكنِّي إختطفتُ منها طرفاً هروباً من طول الرسالة ، ولعلّ ما ذكر هنا كافٍ في إعطاء صورة موجزة لحكم هذه المسألة . والله أعلم وبه نستعين .
الفصل الثالث : كيفية التعامل مع الكفار ؛ وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول : من يخضع لأحكام الإسلام ويلتزم بها .
المبحث الثاني : من يخضع لأحكام الإسلام مدة من الزمن .
المبحث الثالث : من لا يخضع لأحكام الإسلام على الإطلاق .
والكفار بإعتبار إلتزامهم أحكام الإسلام وعدم إلتزامهم ينقسمون إلى ثلاثة أنواع :
أ – نوع يخضع لأحكام الإسلام ويلتزم بها ، وهؤلاء يطلق عليهم ( الذميون ) .
ب – نوع يخضع لأحكام الإسلام مدة من الزمن وهم ( المستأمنون ) .
جـ – نوع لايخضع لأحكام الإسلام ولا يلتزم بها على الإطلاق وهم ( الحربيون ) .
وكل نوع يأتي إنْ شاء الله بمبحثه الخاص.
المبحث الأول : من يخضع لأحكام الإسلام ويلتزم بها وهم الذّميون :
الذّمّي في اللغة : المعاهد الّذي أعطي عهداً يأمن به على نفسه ماله وعرضه ودينه ، والذّمّي نسبة إلى الذّمّة بكسر الذال وفتح الميم المشدد, بمعنى العهد ؛ ويطلق على العهد والعقد ، وأهل الذمة هم أهل العهد والعقد كما في قول النّبيِّ صلى الله عليه وسلم :
{ ويسعى بذمتهم أدناهم } .
والذّمّي في الاصطلاح هو المعاهد من الكفّار لأنّه أُومن على نفسه ماله ودمه
بالجزية . والصّلة بين المستأمن والذّمّيّ : أنّ الأمان للمستأمن مؤقّت وللذّمّيّ مؤبّد . [47]
وقال ابن قدامة : ولايصح عقد الذمة والهدنة إلّا من الإمام أو نائبه وبهذا قال الشافعي : ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّ ذلك يتعلق بنظر الإمام وما يراه من المصلحة . [48]
و عقد الذمة عقدلازم في قول عامة الفقهاء ، ومن أجل ذلك أصبح الذمي أحد رعايا الدولة الإسلامية.
ولا يجوزعقد الذمة المؤبدةِ إلّا بشرطين :
1 – أنْ يلتزموا إعطاء الجزية في كلِّ الأحوال .
2 – إلتزامهم أحكام الإسلام ، وهو قبول ما يحكم به عليهم من أداء حقٍّ أو تركه .
واجبات أهل الذمة :
على أهل الذمة واجبات لابد أنْ يلتزموا بها ومنها ما يلي :
1 – إلتزامهم بدفع الجزية – على القادر منهم .
2 – أداء الخراج والضريبة التجارية .
3 – عدم إحداث دورللعبادة في بلادالإسلام ولايجددوا ماخرب منها .
4 – عدم إيواء الجواسيس أو الغش للمسلمين .
5 – عدم التعرض لأحد من مسلمين بإيذاء ، أو الإستهزاء بالدين .
6 – أن لا يمنعوا أحداً من أقاربهم أوذويهم من الدخول الى الإسلام .
7 – أنْ يُوَقروا المسلمين ولايتشبهوا بهم في شيء من لباسهم .
8 – أن لا يظهروا شيئاً من عباداتهم أو شعاراتهم كالصلبان ونحوها .
9 – أن لا يبيعوا شيئاً محرماً في الإسلام كالخمر ونحوها .
ومن المعلوم ضرورةً ؛ أنهم إذا خالفوا بنداً واحداً من وجبات أهل الذمة ينتقض عهدهم .
حقوق أهل الذمة :
الإسلام دين العدل والرفق والرحمة بالخلق ،ومن هذا المنطلق فإنّ الإسلام لا يشترط على أهل الذمة شروطاً دون مقابل ، بل يعطيهم من الحقوق الشي الكثير ، فإنّ الإمام إذا عقد لأهل الذمة فعليه حمايتهم من المسلمين وأهل الحرب وغيرهم ؛ لأنّه إلتزم بالعهد حفظهم ، ولهذا قال عليٌ رضي الله عنه : ( إنّما بذلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا ، ودماؤهم كدمائنا ) .
وقال عمر رضي الله عنه للخليفة بعده : ( وأوصيه بأهل ذمة المسلمين خيراً ؛ أن يوفي لهم بعهدهم ويحاط من ورائهم ) .
ويمكن التعبير من حقوقهم النقاط التالية :
1 – عصمة دمائهم وأموالهم ، وجاءت النصوص الشرعية بالتحذير الشديد عن قتلهم ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما». [49]
2 – الإنتفاع بالمرافق العامة كالمسلمين .
3 – مزاولتهم بعض الأعمال كالتجارة ونحوها ، بشرط عدم الإضطرار بالمسلمين .
4 – تولِّي وظائف الدولة ، إلّا ما غلب عليه الصبغة الدينية ، مثل رئاسة الدولة والقيادة في الجيش والقضاء بين المسلمين والولاية على الصدقات ونحوذلك ؛ وما عدا ذلك من وظائف الدولة يجوز إسناده إليهم ، بشرط توفر الكفاءة والأمانة ( فلا يكونون ممن يضمرون الحقد والعداء للمسلمين ).
5 – تأمينهم عند العجز والشيخوخة .
6 – حرية الإعتقاد وإجراء الأحوال الشخصية فيما بينهم .
7 – الدفاع عنهم ضد من قصدهم بأذى .
معاملتهم :
جوز معاملة أهل الذمة فيما لم يتحقق تحريم التعامل فيه مع عدم مودتهم والركون إليهم ، وأخذ الحذر والحيطة منهم ، قال ابن بطال فيما حكاه عن ابن حجر : ( معاملة الكافر جائزة إلّا بيع ما يستعين فيه أهل الحرب على المسلمين ) . وفي كلام ابن حجر على رهن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعه عند يهودي قال:
(وفي الحديث جواز معاملة الكفار فيما لم يتحقق تحريم عين المتعامل فيه وعدم الاعتبار بفساد معتقدهم ومعاملاتهم فيما بينهم واستنبط منه جواز معاملة من أكثر ماله حرام وفيه جواز بيع السلاح ورهنه وإجارته وغير ذلك من الكافر ما لم يكن حربيا وفيه ثبوت أملاك أهل الذمة في أيديهم وجواز الشراء بالثمن المؤجل واتخاذ الدروع والعُدد وغيرها من آلات الحرب وأنه غير قادح في التوكل) .[50]
وبرُّ أهل الذمة مأذون فيه و رخص الله تعالى في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم فقال الله تعالى : {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة الآية 8].
وقال عبد الله بن الزبير: نزلت في أسماء بنت أبي بكر، وذلك أن أمها قتيلة بنت عبد العزى قدمت عليها المدينة بهدايا، ضباباً وأقطاً وسمناً، وهي مشركة، فقالت أسماء: لا أقبل منك هديةً ولا تدخلي علي بيتي حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُدْخِلها منزلها وتقبل هديتها وتكرمها وتحسن إليها . [51]
وأمّا التودد إليهم فمنهي عنه لقول الله تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ} [الممتحنة: 1].
المبحث الثاني : من يخضع لإحكام الإسلام مدة من الزمن وهم المستأمنون :
المستأمنون وهم في اللغة : جمع المستأمِن ، بكسر الميم إسم فاعل ، ويصح بالفتح على صيغة إسم المفعول – والسين والتاء للصيرورة – وهو الطالب للأمان الذي هو ضد الخوف .وفي الإصطلاح : هو من دخل دار الإسلام بأمان طلبه .
والأمن هو رفع إستباحة دم الحربي ورقه وماله حين قتاله ، أو العزم عليه ، مع إستقراره تحت حكم الإسلام مدة ما .
إذاً المستأمن ليس من رعايا الدولة المسلمة الدائمين ، بل يقيم فيها إقامة مؤقتة .
: وفي هذا يقول ابن القيم
“المستأمن هو الذي يقدم بلاد المسلمين من غير استيطان لها، وهو على أقسام: رسل، وتجار، ومستجيرون حتى يعرض عليهم الإسلام والقرآن، فإن شاءوا دخلوا وإن شاءوا رجعوا إلى بلادهم”.[52]
أدلة مشروعيه الأمان :
دلَّ الكتاب، والسنة، والمأثور، والإجماع، على جواز عقد الأمام مع غير المسلمين .
أولاً: دليل جوازه من الكتاب :
قوله تعالى: { وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} [التوبة: 6].
فالآية نص صريح في جواز عقد الأمام لمن طلبه من المشركين، لأن
معنى قوله تعالى: {اسْتَجَارَكَ} أي استأمنك، وقوله {فَأَجِرْهُ} أي: فأمنه حتى يسمع كلام الله وهو القرآن.
قال ابن كثير: “والغرض أن من قدم من دار الحرب إلى دار الإسلام في أداء رسالة، أو تجارة، أو طلب صلح، أو مهادنة، أو حمل جزية، أو نحو ذلك من الأسباب، وطلب من الإمام أو نائبه أماناً أعطي أماناً ما دام متردداً في دار الإسلام، وحتى يرجع إلى مأمنه ووطنه”.[53]
ثانياً: أدلة جوازه من السنة :
1 – ما روي عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا». [54]
الحديث نص صريح في جواز عقد الأمان مع غير المسلمين لأن الذمة المراد بها في الحديث الأمان، فمعناه أن أمان المسلمين للمشركين جائز، وبالأمان يحرم التعرض لهم ما داموا في أمان المسلمين، قوله: “أدناهم” أي يعقد الأمان ويتولى شأنه من هو أدنى المسلمين مرتبة كالعبد وغيره ..
قال ابن حجر: “أدناهم أي أقلهم، كل وضيع بالنص، وكل شريف بالفحوى، فدخل في أدناهم المرأة والعبد” .
2 – وما روى عن أم هانئ رضي الله عنها أنها قالت: “ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره، فسلمت عليه فقال من هذه، فقلت أنا أم هانئ بنت أبي طالب فقال مرحباً بأم هانئ فلما فرغ من غسله قام فصلى ثمان ركعات ملتحفاً في ثوب واحد، فقلت: يا رسول الله: زعم ابن أمي علي أنه قاتل رجلاً قد أجرته فلان ابن هبيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ”. [55]
الحديث دل على جواز أمان المرأة المسلمة لغيرها من الكفار، فأمان الرجال المسلمين من باب أولى.
قال الصنعاني: “والأحاديث دالة على صحة أمان الكافر من كل مسلم، ذكر أو أنثى، حر أم عبد، لقوله “أدناهم” فإنه شامل لكل وضيع، وتعلم صحة أمان الشريف بالأولى”.
ثالثاً: دليل جوازه من المأثور :
ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: “إن كانت المرأة لتجير على المسلمين فيجوز أمانها”. [56]
وما روى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “إن كانت المرأة لتجير على المؤمنين فيجوز”.[57]
رابعاً: دليل جوازه من الإجماع:
انعقد إجماع الأمة من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زماننا هذا على جواز عقد الأمان مع غير المسلمين .[58]
أنواع المستأمن أربعة أنواع وهي :
النوع الأول :
رسلٌ من قبل الكفار لتبليغ رسالة الى دولة الإسلام ، ( ومنهم السفراء والدبلماسيون ) كما أرسلَ رسولاه مسيلمة الكذَّاب الى النَّبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن مسعود قال: جاء ابن النَّوَّاحة وابن أُثال رسولا مسيلمة إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -، فقال لهما: “أتشهدان أني رسول الله؟ “، قالا: نشهد أنَّ مسيلمة رسول الله!!، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: “آمنتُ بالله ورسله، لو كنت قاتلاً رسولاً لقتلتكما”، قال عبد الله: قال: فمضت السُنة أن الرسل لا تُقْتل . [59]
وهذا من التمثيل الدبلماسي وهو ممّا تمثله الوزارة الخارجية في العصر الحديث ، لأنّ السفراء من الوزارة الخارجية والرسل منهم ؛ وهناك من الوزارة الخارجية قطاع خاصٌ بالسفراء والتمثيل الدبلماسي ، ووظيفته خاصٌ بالسفارات الأجنبية الموجودة في البلاد وأمنهم والأمور المتعلقة بالسفارات وموظفيها ؛ ولهذه الأمور أهمية بالغة في العلاقات بين الدول والدبلماسية .
والوزارة الخارجية هي المكلفة بإرسال السفراء والممثلين الى الدول الأجنبية ، وبإستقبال السفراء والممثلين الوافدة من الدول الأجنبية ؛ وهذه وظيفة من وظائف الوزارة الخارجية ومظهرٌ من نظاهرها .
والسفير هو ممثل دولته لدى الدولة الّتي هو فيها وراعي مصالح دولته سياسياً واقتصادياً وأمنياً ؛ وبجانب ذلك هو المكلّفُ بالدعوة الى الله قولاً وعملاً حسب طاقته ووسعه .
والقيام بالدعوة الى الله يعدُّ من أهمِّ وظائف السفير ، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم يبعث رسله الى الملوك والزعماء ليبغوا عنه الدعوة .
وقد كان التمثيل السياسي سابقاً يتمُّ بصفة مؤقتة بحيث يرجع السفير الى بلاده بمجرد إنتهاء مهمَّته .
وأمَّا في عصرنا الحديث فقد أصبح التمثيل الدبلماسي مستمراً بحيث تكون العلاقة بين الدولتين مستمرةً ويكون لكلٍّ من الدولتين سفارة عملها مستمرٌ في الدولة الأُخرى .
النوع الثاني :
مستجيرون يطلبون الجوار(الأمان)، وقد كان ذلك من عادة العرب ، ولكنَّ الإسلام حدد ذلك بأنَّهم يجارون حتى يعرض عليهم الإسلامُ والقرآنُ ، فإنْ شاءوا دخلوا فيه وإن شاءوا رجعوا الى بلادهم ، لقول الله تعالى : { وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} [التوبة: 6] .
وَمِنْ هَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي الْأَمَانَ لِمَنْ جَاءَهُ، مُسْتَرْشِدًا أَوْ فِي رِسَالَةٍ، كَمَا جَاءَهُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّسُلِ مِنْ قُرَيْشٍ، مِنْهُمْ: عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، ومِكْرَز بْنُ حَفْصٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَغَيْرُهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، يَتَرَدَّدُونَ فِي الْقَضِيَّةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، فَرَأَوْا مِنْ إِعْظَامِ الْمُسْلِمِينَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بَهَرَهُمْ وَمَا لَمْ يُشَاهِدُوهُ عِنْدَ مَلِكٍ وَلَا قَيْصَرَ، فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَأَخْبَرُوهُمْ بِذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ وَأَمْثَالُهُ مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ هِدَايَةِ أَكْثَرِهِمْ .[60].
وهذه الأية وأمثالها يدل سماحة الإسلام ، وعدم إكراهه بأيِّ أحدٍ على الإسلام لأنَّ الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم : { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 256] .
النوع الثالث :
تجار يقدمون الى أرض الإسلام للتجارة ، فيجوز دخولهم بأمان ، ويؤخذ منهم ضريبة مالية على تجارتهم .
النوع الرابع :
طالبوا حاجة من زيارة أغيرها ، كمريض يريد علاجاً أو زائِرٍ يزور بعض أصحابه أو أقاربه من المسلمين أو من الذميين ؛ مع حذرنا من مكرهم وكيدهم للمسلمبن ومراقبة أحوالهم ؛ لأنّ معظمهم جواسيس وخبراء عسكريين ، مستشرقين يريدون هدم الإسلام من الداخل .
الأحالات الّتي يصير بها المستأمن ذمياً ؛ ثلاثة أحوالٍ وهي :
الحالة الأولى :
إذا زادت مدة إقامة الستأمن في بلاد المسلمين عن المدة الضرورية له ولم يَخْرج من أرض المسلمين ، فإذا قَرُبتْ المدت فمن الضروري للإمام أنْ يصدر أمراً ويقول للمسأمن : ( إنْ جاوزتَ المدة المحددتَ لك جعلناك من أهل الذمة ودفعت الجزية ، وإلَّا خرجت من البلاد قبل المدة .
الحالة الثانية :
إذا إشترى المستأمن أرضاً خراجية في دار الإسلام ، يوضع عليه خراج الأرض فيصير بها ذمياً لأنّ وظيفة الخراج تختص بلإقامة في دار الإسلام .
الحالة الثالثة :
إذا تزوجتْ المستأمنة من مسلمٍ أو من ذميٍ فإنّها تتحول الى ذمية ؛ بخلاف الرجل المستأمن لوتزوج ذمية في دار الإسلام لايكون بسببها ذمياً ، ووجه الفرق : أنَّ المرأة تابعة لزوجها وليس الرجل تابعاً لها ، فإذا تزوجت بذميٍّ فقد رضيت بالمقام في دارنا ، فصارت ذمية تبعاً لزوجها ، أمّا الزوج فليس بتابعٍ للمرأة ، فلا يكون تَزَوُجه إيَّاها دليل الرضى بالمقام في دارنا فلا يكون بتزوجها ذمياً
المبحث الثالث : من لا يخضع باحكام الإسلام ؛ وفيه نوعان :
النوع الأول : أهل العهد :
والمعاهد -بكسر الهاء-: اسم فاعل من عاهد، وبفتحها اسم المفعول منه .
وأهل العهد :هم الذين صالح بهم إمام المسلمين على إنهاء الحرب مدة معلومة من الزمن لمصلحة يراها الإمام .
والمعاهدة والمسالمة والهدنة كلها معنى واحد .
والمعاهد هنا غير الذميِّ وعهدهم غير عهد الذميِّ ؛ وبينهما فروقٌ وهي :
1 – أنَّ عهد الذميِّ عهد لازم مُؤَبدٌ ؛ والعهد عاهده مُؤقةٌ .
2 – الذمي من رعايا المسلمين ومن مواطنيهم ؛ والمعاهد من الحربيين .
3 – الذمي يلزم عليه دفع الجزية ولا يكون من الرعية إلَّا بدفع الجزية ؛ والمعاهد ليس عليه جزية بل يراعي بنود معاهدته .
إنّ الله سبحانة وتعالى كتب الإحسان على كلِّ حيٍّ من بشر وغيرهم ، إلّا من حارب الله ورسوله وتربص بالمسلمين الدوائر وهم من يسمون بالحربين . أمّا من صالح المسلمين – حتى من غير المسلمين – فالإسلام لا يمانع برَّهم والتعامل معهم ماداموا مسامين كأهل الذمة ونحوهم .
والأصل في ذلك قول الله : {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنفال: 61] .
والأمر في (فاجنح لها) ليس هو أمر وجوب بل هو أمر إرشاد فإذا كان فيه مصلحة ظاهرة و رأى الإمام أن يصالح أعداءه من الكفار جاز له مع مراعاة مصالح المسلمين بين حينٍ وآخر ؛ وبقوة المسلمين وضعفهم ؛ ومع إنتباهه وحذه عن مخادعتهم وخيانتهم .
ومع ذلك يقول الله تعالى : {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [الممتحنة: 8، 9] .
بل إنّ صلة الأرحام كالوالدين وغيرهم من الأقارب مأمور بها كما قال الله تعالى : {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)} [النساء: 1]
وفي صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قال: قدمت أمي وهي مشركة، في عهد قريش ومدتهم إذ عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم، مع ابنها، فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أمي قدمت وهي راغبة؟ أفأصلها؟ قال: «نعم، صلي أمك» . [61]
قال ابن العربي رحمه الله تعالى: واتفقت الملة أن صلة ذوي الأرحام واجبة، وأن قطيعتها محرمة، ولتأكيد صلة الرحم المؤمنة ذكر الفضل في صلة الرحم الكافرة، وهذا يسمى: قياس الأولى أو القياس الجلي . [62]
ويقول الشوكاني حول هذه الآية : ومعنى الآية: أن الله سبحانه لا ينهى عن بر أهل العهد من الكفار الذين عاهدوا المؤمنين على ترك القتال، وعلى أن لا يظاهروا الكفار عليهم، ولا ينهى عن معاملتهم بالعدل .[63]
ومتى تمَّ الصلحُ فالأبواب مفوتوحة أمام الطرفين ، فالمسلمون لهم أن يدخلوا دار الصلح ، وأهل الصلح لهم أن يدخلوا دار الإسلام ، سواء للتّجارة أو لغيرها ن مما لايمس نصّه الصلح ، ومن مقاصد الصلح أن يتعرف الكفار على دين الإسلام ممثلاً بأهله .
ولهذا كان صلح الحديبية من أعظ الفتوحات لأنّ الناس أمنَ بعضهم بعضاً وأختلط المسلمون وباشروا بهم الدعوة وأسمعوهم القرآن وناظروهم على الإسلام جهرة آمنين ودخل مدة الهدنة الى الإسلام من شاء الله أن يدخله ، ولهذا سماه الله فتحاً مبيناً .
وقد قدم أبو سفيان بن حرب المدينة فترة الهدنة ودخل على ابنته أم حبيبة رضي الله عنها ولم يتعرض له أحد بأذى .
ويظهر لنا مما تقدم أنّ الإحسان وبذل المعروف مرغوب لكل أحد ، ولومن غير المسلمين ؛ وقال ابن الوزير اليماني رحمه الله في كتابه إيثار الحق على الخلق ” وأما المخالفة والمنافعة وبذل المعروف وكظم الغيظ وحسن الخلق واكرام الضيف ونحو ذلك فيستحب بذله لجميع الخلق إلا ما كان يقتضي مفسدة كالذلة فلا يبذل للعدو في حال الحرب كما أشارت إليه الآية: ” لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين” .[64]
وعلى هذا فالواجب على المسلم أن يُخالق الناس بخلق حسن، حيثما كان في بلاد المسلمين أو خارج بلاد المسلمين، فقد بُعث النبي صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق، وإن الرجل ليبلغ بحسن الخلق درجة الصائم القائم كما دل عليه الحديث .
وهذا القيد الذي ذكره ابن الوزير ( إلا ما كان يقتضي مفسدة ) قيد في محلِّه ؛ ففعل البرِّ كله لابد أن يكون منْ يدٍ عليا عزيزةٍ ، فإذا كان يفضي الى ذلٍّ واستكانة فلا ينبغي فعله لغير المسلم .
لابد من الإشارة الى أنّ ذلك الرحم إذا كان محارباً معانداً محادّاً لله ولرسوله وللمؤمنين لا يلزم برُّه ولا صلته ، بل يتعامل بما يستاهله .
وممن يتعين برُّهُ كذلك الجار وإن كان مشركاً كما جاء في الحديث عن أبي شريح الخزاعي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت» .[65]
والبرُّ والإحسان الى أهل العهد والعطف عليهم – سواء كانوا أقارب أم أجانب – إنّ ذلك لا يلزم منه حبهم ومودّتهم وموالاتهم التي نهى الله عنها في قوله : {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22] .
وقول النّبيّ: عن عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم جهارا غير سر يقول: «إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله، وصالح المؤمنين» . [66]
وقال ابن الجوزي عند قول الله تعالى : {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8] ، وهذه الأية رخصة في صلة الذين لم يصلوا الحرب للمسلمين وجواز برِّهم ، وإن كانت الموالاة منقطعةً عنهم . [67]
الصلح :
الصلح وإن كان يطلق على الهدنة ، ولكنّه أعمُّ منها لأنّه ينطبق على أيّ مصالحة . والمصالحة قد تكون على إيقاف الحرب وتسمّى : مهادنة، وقد تكون على إبقاء الكفار في البلد المفتوح مع دفعهم خراج الأرض ، وهذا النوع ليس من أهل الحرب لأنّ له عهداً ؛ وأيضاً ليس من أهل الذمة لأنّ عقد صلحهم لا يقتضي ذلك ؛ ولا يكون من جملة المستأمنين ، لأنّ المستأن هو من يطلب الأمنَ في دار الإسلام ؛ وليس من أهل هدنة لأنّ أهل الهدنة هم الذين يوادعون الإمام على إيقاف الحرب إمّا مؤقتاً وإمّا مطلقاً .
والمقصود من أهل الصلح هنا : هم الذّين فتح بلادم صلحاً ، وهذا الصلح نوعان : 1 – إمَّا أنْ يكون على أنّ الأرض لهم فيدفعون الخراج ، 2- إمَّا أنْ يكون الأرض للمسلمين ، ويبقى الكفار فيها بالخراج .
النوع الأول : وهو على أنّ الأرض للمسمين ، والكفار يقرون فيها بالخراج كصلح خيبر ، والصلح هذا جائز ؛ لأنّ النّبي صلى الله عليه وسلم صالح يهود خيبر على أنّ لرسوول الله الشطر من كل شيء يُخْرَج منها ولهم الشطر على أن يقر فيها ما شاء؛ كما ثبت في الصحيح : عن نافع، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أخبره: «أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع » . [68]
فهنا تعد هذه الأرض من دار الإسلام ، ويكون الخراج مثل الأجرة لا يسقط بالإسلام .
وللأمام أن يحدد مدة إبقائهم فله أن يتركهم ماشاء إلا أن يكون ثمة شرط في تحديد المدة فيلتزم بها ما أقاموا على العهد .
النوع الثاني : صالحوا على أنّ الأرض لهم فيدفعون خراجها ؛ وبهذا الأرض دار عهد ، وليست دار حرب ولا دار إسلام ، بإعتبارها ملكاً لغير المسلمين مع عدم خضوعهم لحكم الإسلام .
والصلح بهذا الوضع مستمر ، ما دام أولئك ملتزمين بالعهد مؤدّين بالخراج ، فإن أسلموا سقط عنهم الخراج لأنّه أشبه بالجزية .
أهل الحياد :
أهل الحياد والإعتزال هم غير من ذكرناهم فيما سبق من الكفار ؛ ونقصد من هذا :
الدولة المحايدةأوالأفراد المعتزلة عن كلٍ من الدولتين المتحابتين ولا تكون طرفاً من النزاع ، لاتساعد واحداً من الطرفين لا حسّاً ولا معناً ، ومع إستمرارعلاقتها الدبلماسية للدولة المحاربة ؛ ومقصودنا هنا إنّهم ليسوا معاهدين نحترم لهم عهدهم ولا محاربين فنعلن لهم محاربتهم .
وهم المسالمون الذين رجحوا أن يكونوا على الحياد لا مع المشركين ولا مع المؤمنين ، فهم الذين قال الله فيهم : {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} [النساء: 90] لأنَّ القتال والعداء كما قررنا وذكرنا سابقاً إنّما هو للبادئين بقتال المسلمين وأذيتهم وفتنتهم عن دينهم أو الصادين عن سبيل الله ودينه .
النوع الثاني أهل الحرب ، وفيها مسألتان :
المسألة الأولى : الحربيون .
المسألة الثانية : معاملة الحربيين :
المسالة الأولى :
الحربيون وهم الذين يحاربون المسلمين أو ينتسبون الى قوم محاربين للمسلمين ، سواء كانت المحاربة فعلية أومتوقة .
والمحاربة الفعلية : هي الحرب الواعة أو المعلنة .
والمتوقعة : هي ما يُتَوقع حدوثها ، وهذه قد تصدر من كل كافر ليس له عهد ولاذمة، سواء بلغته الدعوة الإسلامية أم لا .
فتحصل من ذلك أنّ الحربيين أصناف :
1 – الكفار الذين يقاتلون المسلمين بالفعل ويتربصون .
2 – الكفارالذين أعلنوا الحرب على المسلمين وأهله ، باتخاذ أصليب التضييق على المسلمين وتهديد مصالحهم ، وهو ما يعرف اليوم بالحرب الباردة ، أو يفتنون بعض المسلمين من دينهم ، أو يظاهروا أعداء المسلمين عليهم ، أو يعلنوا تهديداً للمسلمين وما الى ذلك .
3 – الكفار الذين ليس لهم عهد مع السملمين ولم يبْدُ منهم محاربة .
وكل أولئك لا يخلوا حالهم : إمّا أن يكون ممن بلغتهم الدعوة ، أم ممن لم تبلغهم ؛ فهؤلاء كلهم يسمون في الإصطلاح الفقهي حربيون .
المسألة الثانية : العلاقة بالحربيين ؛
ظهر لنا فيما سبق على أنّ الحربيين ليسوا بدرجة واحدة بل هم متفاوتون في العداوة والبغضاء للمسلمين ، فمنهم صريح العداوة ، ومنهم غير صريح .
فأمّا صيح العداء فالعلاقة معهم علاقة حرب وعداء ومقاطعة كاملة بإجماع أهل العلم .
وهذا النوع يستلزم :
1 – قطع العلاقة القائمة بيننا وبينهم إنْ وجدت ؛ سواء كانت علاقة سياسية دبلماسية ، أم تجارية أم غيرهما .
2 – الشدة وإظهارالقوة أمامهم ، وعدم الجنوح للمسالمة والمسامحة أو الملاينة بدون ضرورة لقول الله تعالى : {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } [التحريم: 9] .
وقال الله : {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 13] .
3 – محاربتهم بكل الوسائل الممكنة لقول الله : {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: 60] .
4 – ولا يجوزلأيِّ فرد من المسلمين أن يصادقهم أو يفضي إليهم بشيء من أسرار المسلمين . لقول الله : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الممتحنة: 1 – 3] .
وقد تكون معاملة الدولة الإسلامية جائزة مع أفراد الحربيين لمصلحة الأمة الإسلامية ، بل وقد يكون ثمّة معاملة بين الدولة الإسلامية ودولة حربية لكن في نطاق ضيقٍ ولايكون إلّا لإختيارالإمام إذا دعت له الضرورة ورأى مصلحة راجحة في ذلك .
الفصل الرابع : المعاملات المباحة مع غير المسلمين ؛ وفيه أربعة مباحث :
المبحث الأول : التعامل مع غير المسلمين في البيع والشراء .
المبحث الثاني : حرمة التعامل مع المسلمين في الربا .
المبحث الثالث : حكم الإستيهاب من الكفار .
المبحث الرابع : التعاون التعليمي مع الكفار .
المبحث الأل : التعامل مع غير المسلمين في بيع والشراء :
أمور الحياة الدنيا التي يمكن التعاون فيها وإشتراكها بين المسلمين وغير المسلمين كثيرة جدّاً ، ولكن لها ضوابط وحدود مقيدة بالشريعة الإسلامية ، والمحرمات حددتها الشريعة بأدلتها لأنها محددة لقلتها بالنسبة للمبحات ، بينما المباحات غير محددة لكثرتها ووردت عليها أدلة في أصلها لا في أسمائها مثل قول الله تعالى : {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الجاثية: 13] .
وقوله تعالى : { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [البقرة: 29].
والقاعدة : أصل الأشياء الإبحة ؛ بينما أصل العبادات الحظر .
ومن المباحات البيع والشراء وما في معناهما، مثل : الدين والرهن والوديعة والإستعارة…..فقد صح عن النبي صلى الله عليه سلم أنه إستعار من صفوان بن أمية سلاحاً ، وصح أنه إشترى من اليهود طعاماً ، ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهون عند يهودي .
ومما نتعامل معهم التجارة ؛ فنستورد منهم بضائعَهم ، ونصَدرُ إليهم بضائعنا، نتبادل معهم المنافع ، ونستفيد من خبراتهم .
والأشياء التي حظرها الشرع واستثنى منها لايجوز تعاملها معهم مثل :(الخمر والخنزير والبربا…. ) ؛ ولكن يصح منهم ما يصح من المسلمين كالتجارة والمضاربة والزارعة والإجارة والعقود والتصرفات التي تصح من المسلمين .
ولا إشكال في صحة البيع والشراء عندما توافرت أركانها وشرطها ، فكلما صح بين المسلمين من المبيعات صح مع غير المسلمين إلَّا ما استثنيَ وسيأتي إن شاء الله .
ومن أدلتها :
1 – قول الله : {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] .
والمقصود من حرمة الربا تحريم عام على جميع المتعاملين بها سواء على المسلمين فيما بينهم أو بين المسلمين وغيرهم .
2 – الجديث الصحيح : عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى طعاما من يهودي إلى أجل، ورهنه درعاً من حديد».[69]
3 – وقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما: “جاء مشرك بغنم، فاشترى النبي صلى الله عليه وسلم منه شاة، واشترى من جابر بعيراً” .[70]
ومن الإجماع :
قال القاضى: أجمع العلماء على جواز معاملة أهل الذمة وجواز معاملة المشركين، إلا ما يتقوى به أهل الحرب على محاربة المسلمين كسلاح الحرب وآلاتها وما تصرف فيها، أو ما يستعين به جميعهم على إقامة شريعتهم، وإظهار تصرفهم وما لا يجوز تملكه لهم لحرمته كالمسلم والمصحف.[71]
والتعامل معهم يتمُّ على أحد الطريقين :
1 – الطرق العرفية وهي: التعامل على مستوى أفراد الشعبين والتبادل التجاري بين الشعبين ولو يترتب على هذا السفر الى بلاد الكفار إذا لم يكن هناك محظور شرعي .
2 – طرق المعاهدات وهو: تبادل الدولتين عقود ووثائق مبرجة تحتاج الى مراعاتها وعدم إنتهاكها ؛ ومما يدل عليه : قصة ثمامة بن أثال : “فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت، قال: لا، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله، لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة، حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم” . [72] ثم خرج إلى اليمامة، فمنع أهلها أن يحملوا إلى مكة شيئا، فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنك تأمر بصلة الرحم، وإنك قد قطعت أرحامنا، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلي بينهم وبين الحمل . [73]
فدلَّ هذا الحدث على جواز تصدير الطعام الى المشركين وإن كانوا أهل حرب ، وجواز دخول أراضيهم وتبادل الأسفار ، وبشرط على ألّا يكون من ضمن ما يتعامل به مع الكافرين ممّا فيه محظور شرعي أو فيه ضرر للمسلمين ؛ سواء على مادته ، أو كميته أو كيفيته ؛ مثل تصدير السلاح الى بلاد العدو وأحكام السلاح سيأتي كلامه مستقلاً قريباً في مكانه إن شاء الله .
وكذلك منع إستيراد ما فيه ضرر للمسلمين ، سواء كان الضرر دينياً ، كالتماثيل والخمر والحشيش ( من الحشيش : السجائر ، والتمباك ، وما في معناهما ) ، والصحف ، والكتب المنحرفة ونحو ذلك ؛ أم دنيوياً كإستيراد المواد التي تُنافِس الصناعات الوطنية وتكون سبباً لتعقيمها ، أو المواد التي تَتْلِف بسرعة أو تسبب بعض الأمراض . ومن خالف ذلك أدَّبه الإمام وعزر بما يناسبه .
ولهذا فعلى الدولة الإسلامية أن تجعل لها مراكز ومراقبين على الحدود لتمييز المشروع من التصديرات والمستوردات من الممنوع .
المبحث الثاني : ما لا يجوز عبيعها لغير المسلمين :
وهناك أمور لا يجوز بيعها لغير المسلمين ومنها :
أولاً : بيع المصحف لا يجوز بيعه لغير المسلمين .
ثانياً : بيع العبد المسلم لا يجوز بيعه لغير المسلمين .
ثالثاً : الخمر لا يجوز بيعه و لا شراءه على الإطلاق.
رابعاً : بيع السلاح لغير المسلمين لا يجوز .
أولاً: بيع المصحف لغير المسلمين :
لا يجوز بيع المصحف لغير المسلمين أو شيئاً منه ، وإذا وقع البيع فإنّه باطل ويفسخ والدليل على هذا :
أ – عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو “. [74]
ب – بما روي عن الصحابة رضي الله عنهم في كراهة بيع المصحف عموماً .
جــ – ومن المعقول : يمنع بيع المصحف لغير المسلمين لما في شرائهم له من الإهانة والإذلال ، والواجب تعظيم المصحف الشريف وتكريمه ،وإبعاده عن أيدي الكفار .
وقال الله في كتابه : {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } [الواقعة: 77 – 79] .
والكفار نجس غير مطهرين وهم حريصون على تناول المصحف الشريف ووصوله الى أيديهم ليهينوه ويلعبوا عليه.
وممّا شاهدنا نحن في التسعينات عرض بعض السوَّاح على قائم المكتبة الكبيرة ( مكتبة الجامع الكبير ) بصنعاء ببلغاً من المال قدره : ” ستة ملايين دولار أميركي (6000000$ ) يشترون بها نسخة من المصحف المخطوط عند المكتبة الكبيرة ؛ ثمّ ليأخذوه الى بعض المكتبات الغربية كما أخبرنا في ذلك الوقت محمد بن صالح المصري إمام وخطيب جامع الحسيني في حيّ صافية عدن من صنعاء ؛ وهو المقتول في نفس المسجد بعد وقت قصير من قبل الإستخبارات المصريين عبر سفارتهم في صنعاء ؛ فاستفتى أمين المكتة بعض العلماء عن هذا الأمر ؛ فأفتوه المنع .
وليس قصدهم من شرائه إلَّا سوءً : من تغييره ، وتبديله ، وحذف بعض آياته ، وتقديمه وتأخيره ؛ ولا يستبع من أن يحذفوا بعض اللآيات القرآنية المتكلمة عن قبحهم وخبث نواياهم ( نوايا السهيونية من كفار اليهود والنصارى والملحدين )[75] ؛ فيحذفوا هذه الأيات ثمّ يجادلوننا في في مصحفنا ويكذّبوا علينا .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ كتابه العزيز ويحفظ سنّة نبيّنا ، وأن يحفظ علينا ديننا .
الثاني : شراء غير المسلمين للعبد المسلم :
شراء العبد المسلم من الأشياء التي يحل للمسلمين مباشرتها وتعاملها فيما بينهم ؛ أمّا تعاملها بالنسبة لغير المسلمين فإنَّه لا يجوز .
ودليل منعه من القرآن : {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141].
ومن المعقول : لا يجوز بيع العبد المسلم لغير المسلم ، كما لا يجوز نكاح غير المسلم للمسلمة لأنّ كلا العقدين عقد معاوضة وقد منع لما فيهما من الإذلال والإهانة للمسلم ، وذلك يكون بالملك والإستخدام ، ولاسيما إذا كانت أمة لا يجوز لغير المسلم شراؤها والإستمتاع بها لغير المسلم .
الثالث : شراء ما فيه الخمر والخنزير والأصنام :
يحرم بيع وشراء الخمر والخنزير والأصنام ؛ و دليل تحريمها :
من الكتاب :
قول الله تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90] .
ومن السنة :
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول عام الفتح وهو بمكة: «إن الله ورسوله حرم بيع الخمر، والميتة والخنزير والأصنام» . [76]
الرابع .بيع السلاح لغير المسلمين :
بيع السلاح لغير المسلمين لا يجوز لهم ، وإذا وقع يكون معصية في حق المسلم .
والدليل على ذلك قول الله تعالى : {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].
والحربيون من الكفار يُعِدُّون سلاحهم لقتالنا وليصدُّوا الناس عن سبيل الله ، فتسليم السلاح إليهم يؤدِّي الى المعصية . وإن كانوا من أهل الذّمة فأمرهم مقيد بما يراه الإمام إن هم في دارنا ، وإن في دار الحرب فحكمهم حكم الحربيين .
المبحث الثالث : حرمة التعامل مع غير المسلمين في الرِّبا :
تعريف الربا قي اللغة : الزيادة ومنه قول الله : {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } [الحج: 5] يعني زادت . وقوله : {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} [النحل: 92] أي أكثر عدداً. وقوله : {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون: 50] أي الى مكان مرتفع زائد عن مستوى الأرض.
واصطلاحاً : كثرت تعريفات الفقهاء له ، ومن أجمع التعاريف وأشملها ما ذكره الشربيلي الشافعي حيث قال : عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد أو مع تأخير البدلين أو أحدهما .
وهو محرم بالكتاب والسنة والإجماع، بل هو من كبائر الذنوب، بل من الموبقات السبع التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم «اجتنبوا السبع الموبقات»، وذكر أكل الربا .
ولا يجوز التعامل به بين المسلمين ولا بين المسلم وغير المسلم سواء في دار الإسلام أو دار الحرب .
ومن أدلة تحريه في الكتاب : قول الله تعالى : {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: 275، 276] .
وقال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278]. وقال الله : وقال الله : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 130] . وقال الله : {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: 160، 161].
ومن السنة : عن جابر، قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه»، وقال: «هم سواء» . [77]
وفي الإجماع :
وأجمعت الأمة المسلمة على حريم الربا ، وهو ممّا علم ضرورة بتحريمه من الدين .
حكمة تحريم الربا :
حرمت الربا لكثرة مفاسدها ، ومن مفاسدها:
1 – إنقطاع باب الصدقة والإحسان والتعاون بين الناس ، ويقضي على التراحم بين الناس .
2 – ويؤدِّي الى الظلم والإحتيال على الناس وأكل أموالهم بالباطل .
3 – ويؤدّي الى ضخم مال الغني على حساب مال غيره .
4 – ويودل الحقد والعداوة بين الغنيّ والفقير ، أنَّه يؤدّي الى أخذ مال الإنسان من غير عوض .
والتعامل بالربا يُعَود الإنسان ويربّيه على عدم إستخدام مواهبه وقدراته التي أعطيت له ويُقعِدُه عن العمل والسعي في الأرض بالمكاسب : كالتجارة والزراعة والصناعة ؛ لأنَّ الإنسان إذا رأى أنّه أودع نوقوده في البنوك والمؤسسات الربوية وأخذ عليها ربحاً بدون عب ، أو بدون خسارة لرأس ماله يتعود الكسل ويكره العمل ويكون عضواً فاسداً في المجتمع .
وكذلك فإنّ الذي يتعامل بالربا ويأخذ الديون الربوية تعقدت عليه حياته وكثرت ديونه وأصبح في حيرة بكيفية تسديد ديونه التي تتضاعف يوماً بعد يومٍ وزاد فقره وضنكه ؛ وإن كان هو صاحب المال ماله بالربا زادت شراهته وتسلطه على أموال الناس كالذي يأكل ولايشبع ؛ فعليه أن يتذكر وعيد الله الشديد على آكل الربا والمتعاملين بها حيث قال الله : {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] .
ومن كان الله في حربه فقد هلك .
المبحث الرابع : حكم الإستيهاب من الكفار :
الإستيهاب : هو طلب المال هبة وتبرعاً .
فإنَّه لا يجوز البتة ، فكما لا يجوز الإستيهاب من الأفراد ، فكذلك لايجوز الإستيهاب من الدولة ، بل هو أشدّ ضرراً من استيهاب الأفراد، ولا أعلم أحداً قال به .[78]
والإستيهاب يعد مسألة ، وقد ورد ذمّها في نصوص كثيرة فيما اذا كانت بين المسلين أنفسهم ومن الأدلة الواردة عليها :
عن عبيد الله بن أبي جعفر، قال: سمعت حمزة بن عبد الله بن عمر، قال: سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يزال الرجل يسأل الناس، حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم» . [79]
والنهي شديد كما ترى وهو أشد نكارة إذا كان الإستيهاب من الكفار سواء على أفرادهم أو على هيئاتهم أو على دولهم .
وأنّ سؤال الكفار يكشف عورة المسلمين لأعدائهم وفاقتهم وحاجتهم إلى أعدائهم ؛ والأمر الذي يفرح الأعداء ويجرؤهم على المسلمين ، وينقضون العهود إن كان هناك أيُّ عهد ؛ وقد قال الله تعالى في كتابه :
{إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: 120].
ويقول أيضاّ : {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ} [التوبة: 50].
والواجب على المسلم أن يعتز بدينه ولايبتغي العزة الى عير دين الله لقول الله تعالى : {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139] . وقال الله : {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8] .
وقال الله : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 28] .
وهناك محاذير أخرى نراها في معاملاتهم في زمننا الحاضر ونذكر منها :
1 – أنّ الدولة الكافرة لن تقرض للدّولة المسلمة وشعبها تعاطفاّ معها ، أورحمة بها أو إكراماّ لها ، بل لما ترجوه من المحصول على الفوائد والأرباح ؛ فإمّا أنْ تأخذَ فائدة معينة على القرض ، ( وهو صريح الربا ) وإمّا أنْ تشترط على الدولة شروطاً تستفيد منها ، أو كلا الأمرين .
وديونهم تكون مرهقة على الدولة المسلمة ، بل خزياً وعاراً عليها ولا فائدة منها .
2- وربَّما تُعطينا ديونها قهراً علينا وبأسلوب إستعماريٍّ؛ وفي الغالب لاتعطيك نقداً بل تعطيك من منتجاتها التي ليست لنا بها حاجة .
وقد تفتح لك صدرها للإقتراض منها كما تشاء فتتراكم الديون علينا حتى تعجز الدولة المسلمة عن وفائها ، فيكون هذا سلَّماً للإستعمار الحقيقيِّ أو المعنوي .
وذا أمر وشاهد وملموس ، وهو من أسباب الإنتكاس والإفلاس للدول المسلمة في عصرنا الحاضر ، وأثبتت الدول الكارة هذه الأمور عملياً .
والوجب على دولنا عند الطلب من بعض الدول ألَّا يكون إلَّا عند الحاجة والضرورة القصوى والحاجة الماسة ؛ وبشرط ألَّا يكون على حساب سيادة المسلمين وإستقلالهم ، وأن لايمسَّ شرفهم وكرامتهم ، ولا يكون إذلالاً بعض إخوانهم المسلمين أينما كانوا ، وبدون ولاءٍ للكافرين ؛ وهذا يعد من الضرورات النادرة ، والنادر لاحكم له ، والأصل ما سبق ذكره .
المبحث الخامس : التعاون التعليمي مع الكفار :
العلوم بحد ذاتها تنقسم الى قسمين :
1 – علوم دينية شرعية .
2 – علوم دنيوية غير شرعية .
1 – إنَّ القسم الأول وهو : العلوم الدينية الشرعية :
فإنَّ الدين الإسلامي بصفته متعلق بالوحي ولا يجوز تعلمه من عند الكفار ولا أنْ يطلب منه ولا أنْ يقوم بتعليمه إلّا المتخصِصون من علماء المسلمين ؛ وهي التعليم المتعلقة بالوحيِّ كعلوم القرآن والسنة والعقيدة والفقه والأصول واللغة العربية والتاريخ الإسلامي ونحو ذلك .
فكل هذه العلوم وما يتصل بها لا يجوز للدولة المسلمة إستعانتها بالدولة الكافرة في شيء منها ؛ لا تعليماً ولا تأليفاً ولا إعداداً ولا جمعاً ؛ فلا يجوز أنْ نستعين بالكفار للتدريس في أيّ من مراحل التعليم : الإبتدائية والثانوية والتعليم الجامعي .
ولا نستعين بهم في تأليف المناهج الدراسية ، ولا الكتب العلمية ، ولا في مراكز البحوث العلمية ؛ إلَّا أنْ تكون في أعمال فنية شكلية فلا مان فيها .
والدليل على ذلك قول الله تعالى : {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ } [الأعراف: 3] .
وقوله تعالى : {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الأنعام: 116] .
2 – والقسم الثاني وهو : العلوم الدنيوية غير الشرعية :
التعليم الدنيوي بصفته مرتبط بالشؤون الدنيوية وحِرَفِها في الغالب ، فيجوز للمسلم تعليمه من غير المسلم الأمين بشروط منها :
1 – أن يكون المعلم أميناً ؛ ولكن من كانت خيانته ظاهرةً أو متوقعةً فلا يجوز أخذ شيء من التعليم .
2 – أنْ لا نجد هذا الفنَّ من التعليم في بلد من بلدان المسلمين .
3 – أنْ لا يكون فيها شيء من المخالفات الشرعية .
4 – أن تكون حاجتنا إليها ماسّةً .
والتعامل التعليمي بيننا وبينهم قسمان :
1 – قسم يتعلق بالطلاب وهو أنواع منها :
أ – إستيراد المدرسين الى وطننا وأخذ الحرف منهم ونحن في وطننا ، وهذا أحسن ما يكون ، وأقلُّ كلفة من إرسال الطلاب الى بلادهم ، وأردع للكافر إذا إطُّلع عليه بعض المخالفات ، وأسرع نفعاً ؛ لأنّ تطبيقاته يعتبر إستثماراً لوطنانا ، وأكثر إطمئناناً لطلابنا أمنياً ودينياً .
ب – بعث طلابنا للدراسة الى بلادهم :
وهذا خطره متوقع ، – بل ملحوظ في كثير من الأحيان – لأنّ الطلاب ينتقلون من دار الإسلام الى دار الكفر ، ومن المجتمع المسلم الى مجتمع كفار ؛ ولأنَّ الطلاب المسافير للتعليم الى بلادهم – عادة – في السنِّ المبكر ، حيث لا يزال في مرحلة الشباب وهذا هو الذي يجعله معرضاً للشهوات والشبهات أكثر من غيره من كبار السنِّ ؛ وكما أنّه قد لا يكون متزوجاً – بل فعلاً أكثرهم هكذا – ؛ وإنْ كان متزوجاً فمن الصعوبة الشديدة أن يصطحب أهله معه بسبب تكلفته الإقتصادية وغيره من الإجراآت والحاجيات . ومع ذلك فإنّ البعثات التعليمية الخارجية غالبهم المتخصصون بالمواد التي لا علاقة لها بالشريعة ، الأمر الذي يجعلهم أكثر بعداً عن التقيد بالشريعة وضبط النفس . [80]
فعلى الطالب المسلم أنْ يتقيَ الله سبحانه وتعالى وينزجر عن المنكرات ويحفظ دينه ويجتنب عن عصيان ربه ، ولاينسى أنَّه سفير بلاده لدى هذا البلد وناشر دعوة الله فيه .
ومن الناحية الأخرى فاليكن التخصص الذي يبعث الطلاب من أجله من الخصصات العلمية الّتي لا توجد في المجتعات المسلمة ، تكون الدولة والأمة المسلمة في حاجة اليها ومن الضروريات .
وهناك أمور يجب على الدولة أنْ تهتمَّ بها ومنها :
1 – أن لا نبعث طلابنا الى الخارج إلّا لضرورة وحاجة ماسة ، وخاصة الى الدول الكافرة .
2- أن يكون لدى الطالب المبعث الى الخارج وازع ديني قوي وأن يكون الطالب مسلحاً البسلاح العلمي الشرعي والذكاء والتقوى ؛ فمن عُرف فيه وهو منهم يتَهاون بالأحكام الشريعة وتطبيقها ، أو فيه إنحراف في تفكيره وسلوكه فلا يجوز بعثه الخارج .
3 – الأفضل أن يكون الطالب متزوجاً إنْ وُجد ولْيصطحب معه أهله في سفره .
4 – على الدولة أن تعتني بهم بعد بعثهم فتتابعهم وتهيِّأ لهم سبل الإستقامة ، من بناء المساجد وفتح ملحق ثقافي ، وتكليف الدعاة والعلماء بالسفر اليهم بين حين وآخر لإرشادهم وتوجيههم . وإذا أمكن جمعهم في مدن محدودة فهو أولى ليسهل توجيههم وإتصالهم .
5- أن لا يكون الطالب مرأة إلّا أن تكون متزوجة ومعها زوجها ؛ لورود النهي على سفر المرأة بدون محرم .
جـ – إستقبال الطلاب الوافدين إلينا من تلك البلاد :
وأمّا قبول الطلاب المبعوثين الينا ؛ إن جاءوا من بلد مسلم فحكمهم حكم طلابنا وأحكام المسلمين سواء إلَّا أنّه أخٌ ضيف له حقوقه اللّازمة له .
وإنْ كانوا من الدول الكافرة ، فإن كان الطلاب مسلمين فيجب على الدولة المسلمة أنْ تفتح لهم الأبواب من أجل الدراسة والتحصيل العلمي ، بل عليها أن تحث أولئك الطلاب وتشجعهم على الهجرة إليها بالقدر الّذي تسمح لها إمكانياتها . وإلّا فتزودهم من العلم النافع وتوصيهم إبلاغ الدعوة الى بلدانهم وليكونوا بمثابة سفراء ونواب عن المسلمين ؛ ويخصص لهم مُخَصَص مالي إن كان لها قدرة على ذلك.
وإن كان الطلاب كفاراً ، فالذي يظهر لي أنَّ قبولهم وعدم قبولهم يعود الى وليِّ الأمر ، فإن رأى في قبولهم مصلحة فلا بأس بهذا وإلَّا فلا .
2 – وقسم يتعلق بالأساتذة والمعلمين :
وهذا هو إرسال المعلمين والمحترفين الى بلادهم ؛ وطلب الأستذة من دولهم للمهمة نفسها فله جانبان :
الجانب الأول : وهو بعث المعلمين اليهم :
فيما يبدوا أنَّ الأمر فيه سعة ، ويختلف الحكم على إختلاف أحوالها ، فإن كان الطلب لتدريس علوم الشريعة فلْأولى فيه المنع وإرسال الطلاب الى البلدان المسلمة أوتعليمهم في بلادهم .
فإن كانت الحاجة الى تلك البلاد بتدريس مواد دنيوية ، فحينئذ ننظر الى مدى حاجتنا الى تلك التخصصات ومدى فوائده التي تعود الى الإسلام فإن كانت حاجتها ماسة وفائدتها كبيرة فهو مشروع مع إختلاف درجاتها.
وأمّا إن كان لمجرد التعليم فقط وليس فيه فائدة ونفع يعود الى الإسلام فالظاهر أنّه لا وجه لإباحته ، لأنَّ بقاء المسلم في بلاد الكفر بلا جدوى فيه نظر ؛ وسيأتي إن شاء الله الكلام بالأساليب التي تبيح للمسلم مكثه في بلاد الكفر .
الجانب الثاني : وهو طلب الأستذة منهم :
فإن هم مسلمون فجائز بلا شك .
و إن هم غير مسلمين فالأصل فيه الكراهة ، فإن كانت هناك حاجة ملحة فلا بأس ، مع مراعاتهم ومتابعتهم وإشراف أحوالهم وضبط أمورهم وزجرهم عن أنْ يعلموا طلابنا ما لا يليق بهم أو يعملوا في بلادنا شيئاً منعه الشرع .
فإن لم تكن هناك حاجة ماسة فإنّه ينبغي أن نقدر الأمور بقدرها ، ومن يقدر هم أهلها .
3 – التعاون فيما يتعلق بالمناهج الدراسية والمقررات :
لا مانع من التعاون في وضع المناهج نوعاً ما ، أو أخذ شيء من منهجهم أو إعطائهم شيئاً من منهجنا بشرط أن لا فيها ما يخلَّ بقواعد الشريعة لا تَحَكمٌ مضرٌ قي تربية أولادنا وكيفية تدريسهم .
ويستحسن أن تكون صياغته صياغة إسلامية بعيدة عن مصطلحاتهم وفلسفاتهم كي لا نصبح مقلدين تابعين لغيرنا ، و أن يكون ثمَّة نفع ملحوظ في شراكتهم .
كما ينبغي أن تتخذ الدولة المسلمة من هذا مسلكاً للدعوة الى الإسلام وتبيين محاسنه ومزاياه .
4 – التعاون في محيط المخطوطات والمطبوعات والمنشورات ونحوها :
كما يبدو ففي هذا المجال لا مانع منه ، لأنَّه تعاون على نشر العلم والإستفادة منه ، والعلم في أصله غير مملوك لأحد ولاسيما علوم الدنيا .
وقال إبن تيمة : الانتفاع بآثار الكفار والمنافقين في أمور الدنيا، وأن هذا جائز، كما يجوز السكنى في ديارهم، ولبس ثيابهم وسلاحهم .[81]
ففي هذا العصر تتأكد أهمية التبادل والتعاون فيما يتعلق بأمور الدنيا من العلوم لحاجة كل أمة الى ما عند الأخرى من العلوم والمعارف مما نسخ وطبع من كتب وجلات ومنشورات وغير من الحرف ؛ مع حذرنا من مكرهم وخداعهم وله شروطه ومن أهمِّها :
1 – ألَّا تطلب منهم الدولة الإسلامية إلَّا ما فيه فائدة محققة وحاجة لابد لها .
2 – أن لا تسمح الدولة السلمة بخروج الكتب النادرة ، أو أو المنشورات ذات الطبع السري ، ولا بأي شيء في أخرجه ضرر على المسلمين .
5 – التعاون في مجال المراكز والبحوث العلمية ونحوها :
والعاون في مجال المراكز والبحوث العلمية فلا بأس به ، لأنَّ مجالها دنيويّ لا خطر فيه في الأصل ، غير أنّه ينبغي التقيد بما يأتي :
1 – أنْ يقق هذا التعاون مصلحة للإسلام والمسلمين ، وهي حصول النفع منه أو لتعرف الكفار علىديننا وحضارتنا .
2 – أنْ يكون طلب العون منهم في مثل هذه الأمور بحسب الحاجة .
6 – التعاون في مجال وسائل الإعلان :
ما من شك على أنّ الدولة المسلمة – بإعنبارها حاملة راية الإسلام ومدركة لأهمية الإعلان من حيث فائدته وخطره – مطلوب منها أنْ تجعل منه وسيلة للتربية والتعليم والدعوة ، سواء المقروء منه والمسموع ، كالصحف والمجلات والإذاعات ؛ والإعلام هنا سلاح ذو حدين فلْيُتَنَبه له ولْيستفد من محاسنه ولْيحذر من مساوئه .
والتعاون لا يكون إلّا في الأمور المباحة ، والمحظور منه يجتنب منه ويصدُّ طرقه ، لاسيما إذا كانت المادة الإعلامية لا تتقف مع الشرع ، مثل إفشاء أخبار المسلمين السرية .
لهذا نقول : إنَّ الإستفادة ما لديهم من إعلام مباح لا مانع منه بعد أخذ الحذر من كل إعلامهم لئلا يُدْخل الى دار الإسلام ما يضر المسلمين في دينهم أو أخلاقهم أو دنياهم ، ولا ريب ولا إشكال أنّ الكفار قد غزونا في إعلامهم في هذا العصر ؛ حتى وقعونا في فكّ فريستهم فأصبحنا لهم تابعين متابعة عمياء ؛ فإنّه يجب على من وليَ أمر المسلمين أو له مجال في هذا الأمر أنْ يعيد النظر في هذا الأمر ليكون للأمة الإستقلال التام في إعلامهم ، بحيث ينطلق من هدي الإسلام لا من الترّاهات والسفه وفلسفة الأعداء .
كما يجب على المسلمين عامة أن يحافظوا على أفكارهم وثقافاتهم ومعارفهم الخاصة بهم من ذوبانها في أفكار الأمم الأخرى وثقافاتهم بل يجب نشر ثقافتنا صافية وابلاغها الى غيرنا ليقفوا على فضلها وأهميتها ، ومن ثمَّ نكون مؤثرين لامتأثرين .
وأما إفادتهم مما لدينا من إعلام فهو أمر لاغبار عليه ، يعتبر من جملة الوسائل المشروعة في الدعوة الى دين الله ؛ إلا مما فيه ضرر على إسلام والمسلمين .
7 – التعاون في مجال الفنون والآثار :
فإنّ في هذه الأمور ليست ذات بال في نظر الإسلام لعدم جدواها أو لوجود ضرر في بعضها .
ولهذا فإنّ على الدولة ألّا تعتني بها كعناية الكفار بها ، بل إنّ ما كان فيها من محظور فلا يجوز التعاون فيه مطلقاً مثل : التماثيل والتصاوير ، والأغاني وآلات اللهو والضرب ونحوها .
وأمّا ما خلا من المحظور كالشعر المباح والفنون التشكيلية المباحة ونحوهما فيجوز التعاون فيها بحسب الحاجة والفائدة فيها .
8 – التعاون في جوانب الحياة الأخرى :
والمقصود منها : شؤون الحياة الدنيا المحضة مثل : الزراعة والصناعة والصحة والكهرباء وأنواع الهندسة بأواعها ووصائل الإتصالات وأنواع تنظيم سير أمورالحياة وما في معانيها .
فهذه الأمور وما في معنيها قسمان :
قسم عملي وقسم نظري تنظيمي :
ونعني بالعملي : الجوانب العملية المادية النافعة من شؤون الحياة ؛ من زراعة وصناعة وطب وهندسة ونحو ذلك .
ونعني بالنظري التنظيمي : الجوانب المتعلقة بالرأي والنظر سواء كانت مكتوبة كنظام المرور ،ونظام تخطيط المدن ، ونظام الموظفين ، ونظام الإمتحانات في مجال التعليم وما في معانيها ، أم كانت غير مكتوبة كالذي يحدث أثناء الإستشارة وأخذ الرأي السديد وكيفية أخذ القرارات.
فالتعاون بين الدولة المسلمة والدول الأخرى في مثل تلك الجوانب الأمر فيه سعة والأصل فيها الإباحة ، إلا ما كان منها ويخالف نصاً شرعياً أو يعارض المصلحة العامة للأمة المسلمة؛ وذلك للأمور التالية :
1 – أنّها أمور دنيوية ، وقد وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته في مثل هذه الأمور بقوله : عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يُلَقِحون، فقال: «لو لم تفعلوا لصلح» قال: فخرج شيصا، فمر بهم فقال: «ما لنخلكم؟» قالوا: قلت كذا وكذا، قال: «أنتم أعلم بأمر دنياكم»[82]
2 – والأصل في الأشياء النافعة الإباحة ، على قاعدة جمهور الأصوليين ، ولا نعلم نصاً شرعياً أو قاعدة شرعية تنهى عن التعامل والتعاون مع الكفار في تلك المجالات ، بل ثمَّة أدلة تشير الى ذلك مثل مزارعة النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر ، وإستئجاره لابن أريقط دليلاً الى المدينة يوم الهجرة .
3 – والأمور الدنبوبة لا تختص بها أمة عن غيرها بل هي أمور مشتركة بين الناس أجمعين .
ولكل أحد أن يستفيد من الآخر فيها ولا مانع من التعاون فيها .
ومن هنا فلابد للأمة المسلمة أن تأخذ بكل الأساليب المشروعة والممكنة لها لتحقيق ما تريده من التقدم والإزدهار فإذا تفوقت عليها دولة كافرة في بعض المجالات فعليها أن تنافسها لتتفوق عليها ؛ وقد يتوقف الأمر على الإخلاط بالكفار والسفر إليهم والإستفادة من خبراتهم ؛ فإذا توقف الأمر على هذا فيجوز ذلك بالقدر الذي يحقق المصلحة ، ولا تترتب عليه مفسدة .
وهذا كله ليس على إطلاقه بل له قيوده وضوابطه ومنها :
1 – ألَّا تكون الدولة الكافرة محاربة للمسلمين أيّاً كانت المحاربة ، ظاهرة أو خفية ، مباشرة أو غير مباشرة ، إلَّا أن تكون هناك ضرورة في محلِّها ، في الأمور التي ليس فيها تعزيز للدولة الكافرة ولا تلحق ضرراً بالمسلمين .
2 – الَّا يكون في هذا التعاون مفسدة وضرر على المسلمين في دينهم أو مصالحهم.
فلو ترتب على هذا التعاون موالات الكفار ومداهنتهم أو إستيلاء الكفر على المسلمين ، أوتنازل المسلمين عن شيء من حقوقهم أو من أمور دينهم أو إخضاعهم لشروط مجحفة جائرة ؛ فعندئذ لا تجوز معاملتهم ولا التعاون معهم حتى وإن كان المسلمون في حاجة إليهم ، لأنّ درأ المفاسد مقدم من جلب المصالح ( عملاً على القاعدة ) .
إلّا أنَّ ولي الأمر عند تعارض المفاسد له أنْ يوازن بينها ثمّ يدفع الأعظم منها بالأخف . [83]
فعلى المجتمع المسلم أنْ يُجْمعوا بين المحافظة على دينهم وبين الأخذ من كل وسائل الحياة النافعة .
ولْيتنبهوا من مزالق قوانين الكفار ونظمهم وقد يكون فيه فائدة ملموسة في نظرنا ولا يظهر منه مخالفة شرعية ولا ضرر في مصالحنا ولكنّه ممسوج بسمٍّ قاتل لايتنبه له إلّا ذو البصار والحذَّاق الذين جمعوا العلم والإخلاص .
الفصل الخامس : أحكام من تشبه بالكفار ؛ وفيه مبحثان :
المبحث الأول : تعريف التشبه بالكفار وضابطه وحكمه .
المبحث الثاني : الأدلة الواردة في التشبه بالكفار .
المبحث الأول : تعريف التشبه بالكفار وضابطه وحكمه :
أ – تعريف الشبه :
الشبه لغة :
1 – مصدر شبه يقال : تشبه فلان بفلان إذا تكلف أن يكون مثله والمشابهة بين الشيئين الإشتراك بينهما في معنى من المعاني ، ومنه أشبه الولد أباه إذا شارك في صفة من صفاته .
2- من المشابهة والمماثلة ، قال ابن منظور : ” الشِّبْه والشَّبَه والشَّبيه : المِثْلُ ، وأَشْبَهَ الشيءُ الشيءَ ، ماثَلَه ” وتشبَّه على وزن تفعَّل ، ومن معانيها : تكرار الفعل مرة بعد مرة [84] فشبَّه أي كرَّر فعل المشابة مرَّة بعد أخرى ، حتى يصير الفعل من هذا التكرار عادة له .
واصطلاحاً :
1 – هي : مشاركة أحد الشخصين للآخر في صورة قول أو فعل أو ترك أو إعتقاد أو غير ذلك ، سواء سواء أكان ذلك من أجل ذلك الآخر أم لا .[85]
2 – وممكن أن نعرِّفه بأنَّه ” مماثلة الكفّار في أعمالهم وأحوالهم ” ، إذ لم يعرفه العلماء لظهور معناه واتضاحه ، وهذا المعنى الذي عرَّفناه به ، هو ما يدور حوله كلامهم في شرح النصوص الّتي تنهى عن التشبُّه ، كحديث : عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم» [86] .
ب – ضابط التشبه المنهي عنه :
التشبه بالكفار : هو أن يتزيا المسلم بزيهم في اللباس ، أو الكلام ، أو ما شابه ذلك بحيث إذا رآه الرّائي يقول هذا من الكفار . ومن المنكرات العظام : التشبه بالكفار بجميع أنواعه وأشكاله ، يشمل في الأعمال والأخلاق واللباس سواء ، ولا فرق بين الأمور الدينية والعادية : كالزي ونحوه ؛ ويدخل فيه حلق اللحى ، أو تسريح الشعر المشبه بهم ، أو القزع ؛ والقزع يمنع لسببين:
الأولى : ورد فيها نهي شرعي خاص بها وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم :
عن ابن عمر، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع» [87]
والثانية : أنَّ فيها تشبه بالكفار بما هو مختص بهم ، ويدخل في النصوص العامة ومنها:
عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم» [88]
جـ – حكم التشبه بالكفار :
التشبه بالكفار محرم ؛ لأنَّ التشبه بهم نوع من الولاية ، والتولِّي بالكفار حرام ووجه كون التشبه بهم نوع من الولاية ؛ أنهم إذا رأوا الناس يتشبهون بهم ويتأسونهم تشجعوا وزاد طغيانهم ، وقالوا : الناس تبع لنا فنشطوا وتجرؤوا على باطلهم ؛ لأنَّه يفهم من هذا أنَّ من تشبه به أدنى منه وهو سيده ولذلك إتبعه . ومن ثَمَّ نقول : تشبه بعض المسلمين بالكفار اليوم نوع من الولاية والتذلُّل لهم ؛ وقد يصل بعضه الى الكفر عياذاً بالله لقول النبي صلى الله عليه وسلم 🙁 من تشبه بقوم فهو منهم ) .
وإذا كان فيها مخالفة للشريعة فكيف يرضى المسلم أن يتلبس بعادات قوم لايؤمنون بالله ولا باليوم الأخر مخالفة لشرع الله ؟! . ثم اعلم أنّ التشبه بالكفار يزيد لهم قوةً ويزيد لنا ضعفاً ، بغض النظر عن نوع التشبه ؛ لأنك إذا تشبهت بقوم فهذا يعني أنَّك جعلتهم سادةً لك ،وجعلت نفسك تبعاً لهم ، وأنزلت نفسك في منزلة الذُّل وأنزلتهم منزلة العزِّ ؛ لأنَّك لو لم تعتقد أنَّهم أرقى منك لما قلدتهم ، وكثير من الناس يغفل عن هذا .
ومن أعظم المنكرات : تصوير ذوات الأرواح ، واتخاذها واستعمالها ، ولا فرق بين المُجسَّدِ وما في الأوراق وما أخذ بالآلة وغيره ، ذكر معناه النووي رحمه الله في في شرح صحيح مسلم وذكر أنَّه مذهب جمهور العلماء ؛ والأحاديث في الوعيد على ذلك والتغليذ فيه كثيرة ومعلومة .
ومن أغلظ أنواعه : صور المعظمين الذين يلتغط منهم على وجه التعظيم والتبجيل ، وهذا أحد الذريعتين المفضيتين الى الوقوع بالشرك الأكبر وهما فتنة القبور، وفتنة التماثيل المشار إليهما في قوله : {إن أولئك إذَا مات فيهم الرجل الصالح بنوا عَلَى قبره مسجدًا، ثُمَّ صوروا فيه تِلْكَ الصور، أولئك شرار الخلق عند الله}.[89]
ومن أعظم المنكرات وأشدها ضرراً : فشوُ الأغاني واستيلاءها على ألسنة كثير وشغف قلوبهم بها ، فاستبدل كثير من الناس عمارة بيوتهم أنواع الأذكار ، وتلاوة القرآن آناء الليل وآناء النهار بأغاني مشاهير المغنين وآلات اللهو والضرب ، بئس للظالمين بدلاً فيا لله ما أخسر صفقة أصحاب هذا الإستبدال ! وما أسوأ وأقبح هذا التحول والإنقال؟! .[90]
ومن أكبر الكبائر وأعظم المنكرات ، بل هو من جملة المكفرات : ترك الصلاة ؛ فإنها قرينة التوحيد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهي آخر ما يفقد من الدين كما قال صلى الله عليه وسلم من حديث أنس قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الْأَمَانَةُ، وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ الصَّلَاةُ». [91] قال إمام أحمد : كل شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر». [92]
وقال عمر رضي الله عنه : “لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ” .[93]
وقال علي رضي الله عنه : «من لم يصل فهو كافر» [94]
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ ” . [95]
وقال ابن كثير : وفيه النهي الشديد والتهديد والوعيد ، على التشبه بالكفار في أقوالهم وأفعالهم ولباسهم وأعيادهم وعباداتهم ، وغير ذلك مما لم يشرع لنا . [96]
ونحن منهيون عن التشبه بالكفار من اليهود وغيرهم ، لاسيما في الشعائر الدينية ؛ لإنّ دياناتهم ديانات منسوخة نخسها الله تعالى بشرع محمد صلى الله عليه وسلم فلا يجوز أن نتشبه بهم في العبادات ولاغيرها . [97]
ويقال : إنَّ كل حكم كانت علته مخالفة المشركين لو قيل : إنَّه كبيرة من كبائر الذنوب لم يكن بعيداً ؛ لأنَّ التشبه بالكفار لا يكفي فيه التحريم بل يقال فيه : إنَّه كبيرة من كبائر الذنوب .
والشريعة المحمدية لم تختص النهي عن الشبه بالكفار، بل نهت عن تشبه بعض أجناس الناس بما يخص الجنس الآخر كما ثبت في الحديث عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال» . [98]
والواجب على كل مسلم البعد عن مشابهة الكفار والفساق أهل الضلال ؛ سواء أكان هذا التشبه مما يخرج من الملَّة ، أو كان يفضي الى المعصية ؛ فإنَّ من تشبه بقوم فهو منهم .
وكذلك نهت الشريعة عن تشبه كل ما فيه خسيسة سيئة مثل : التشبه بالشيطان – عياذاً بالله من شره . وعن جابر رضي الله عنه : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تأكلوا بالشمال، فإن الشيطان يأكل بالشمال» . [99]
وفي لفظ عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يأكلن أحد منكم بشماله، ولا يشربن بها، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بها»، قال: وكان نافع يزيد فيها: «ولا يأخذ بها، ولا يعطي بها»، وفي رواية أبي الطاهر: «لا يأكلن أحدكم». [100]
ومن أعظ الفروض وأهمِّ ما يُهتمُّ به : إعتناء المسلمين بنَشْئِهم ، وأن يوجهوهم التوجيه الديني النافع لهم ، في دنيا وأخراهم ، وأن يأخذوهم بإلتزام أصولهم الدينية ، التي هي التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإعتقاد ما إعتقده السلف الصالح ، مما نالوا به العزة والكرامة ، وحازوا به شرف الدنيا والآخرة ، وأن يغلقوا عنهم جميع الأبواب .[101]
ولهذا جاءت النصوص في أنّ المسلم لا يحق له التشبه باليهود النصارى في عباداتهم ومعاملاتهم ، اي الخاصة بهم ، بخلاف التعامل المشترك كالبيع والشراء وتبادل المنافع ، فهذا أمر تقتضيه الحياة وليس من التشبه المحرم . وكذلك الصناعات والحرف التي فيها مصالح لعامة البشر ، فلا حرج أن نتعلم من حرفهم ونستفيد مما صنعوه ، وليس هذا من باب التشبه ، ولكنه من باب المشاركة في الأعمال النافعة ولا يعد من التشبه بهم .
وقد سبق توضيح ذلك مفصلاً في باب المعاملات المباحة مع غير المسلمين .
ولاشك أنّ الدين الإسلامي ليس حريصاً على تمييز المسلمين في المضمون فحسب بل إنّما حرص حتى في المظهر العام وفي شخصية المسلم وفي المجتمع الإسلامي عموماً . ولذلك كان النهي عن التشبه بالكفار أحد التكاليف الربانية لهذه العقيدة الدينية. وقد حفل الكتاب والسنة الأدلة حول هذه القضية .لأنَّ التشبه بالكفار في الظاهر يورث الشبه بهم في العقيدة ومودتهم ، وموافقتهم على هواهم مما يحدث التَمَيُع في حياة المسلم ويجعله إمَّعة يتبع كل ناعق ، والله يريد له العزة والكرامة .
وإذا تمعنَّا في طريق التربية القرآنية : وجدنا أنَّ الإسلام ربَّى المسلمين على العقيدة الصحيحة فترة طويلة قبل نزول التكاليف فلما رست جذور هذه الشجرة المباركة في النفوس جاءت التكاليف واحدة تلو أخرى مما جعل المسلمين يترقون في هذا السلم التربوي الإيماني على الذروة . ومن هنا جاء النهي عن التشبه بالكفار من اجل صيانة وحماية المجتمع الإسلامي من كل دخيل ، وحرصاً على بناء الشخصية الإسلامية الفريدة . ولذا يجب على هذه الشخية الفريدة أن تكون مميزة بعد أن أخرجها الله من الظلمات الى النور . ولذا يجب على كل مسلم يومن بالله واليوم الآخر أن يتجنَّبَ من التبعية الجارفة في كل شيء ، ومن التشبه بالغرب الكافر وأن لا يسلك سبيل ضعفاء الإيمان الذين يرون أنَّ ذلك الفعل هو سبيل التقدم والترقي ! . وإنَّ الميل الى تقليد التمدن الأجنبي هو نتيجة الشعور بالنقص ، وهذا ما أصيب به المسلمون اليوم الذين يقلدون المدنية الغربية .
وهذا مما قد نهانا الشرع لقول النبي صلى الله عليه وسلم:من حديث ابن عمر «إن الله جعل رزقي تحت رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، من تشبه بقوم فهو منهم». [102]
والمشابهة في الأمور الظاهرة توجب المشابهة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي ، وقد رأينا اليهود النصارى الذين عاشوا مع المسلمين أقلُّ كفراً من غيرهم ، كما رأينا المسلمين الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى هم أقل إيماناً من غيرهم ممن جرد الإسلام .
وإذاكانت المشابهة في الأمور الدنيوية تورث المحبة والموالاة ، فإنَّ المشابهة في الأمور الدينية تقتضي أكثر وأشدَّ من ذلك . ومن هنا لابد أن نورد بعض النصوص المستفيضة من الكتاب والسنة ألتي نهت عن مبشابه الكفار واتباع أهوائهم .
المبحث الثاني : الأدلة الواردة في النهي عن التشبه بالكفار من القرآن الكريم ومن السنة النبوية الشريفة :
أ – أدلة القرآن الكريم :
- – منها قول الله تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (51) .
- – وقال الله : {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ } [الجاثية: 18، 19] .
- وقال الله { وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ } [الرعد: 36، 37] .
- وقال الله {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120] .
- وقال الله { وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ } [البقرة: 145]
- وقال الله { وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105].
- وقال الله لموسى وهارون عليهما السلام : {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } [يونس: 89].
- وقال الله عن موسى : {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 142] .
- – وقال الله : {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرً} [النساء: 115]
- – وقال الله : {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 48 – 50] .
- – وقال الله : {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153] .
- – وقال الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام: 159] .
- – وقال الله عز جل : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [البقرة: 104] بعد ما كانت اليهود تعيب النبي صلى الله عليه وسلم وتقوله راعنا فنهينا عن قول ما قالوا .
وهذا ممَّا ورد في كتاب الله من النهي عن مشابهة الكفار وتحذير سلوكهم .
ب – وممّا في السنة النبوية الشريفة :
- – ففي الصحيحين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين وأمّر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة، فوافوا صلاة الفجر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف تعرضوا له، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم، ثم قال: «أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء» قالوا: أجل يا رسول الله، قال: «فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم» . [103]
- – عن عقبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما، فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: «إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها» .[104]
- – عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» وفي حديث ابن بشار: «لينظر كيف تعملون» . [105]
- – عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبرا شبرا وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم»، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: «فمن» .[106]
- – وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها، شبرا بشبر وذراعا بذراع» ، فقيل: يا رسول الله، كفارس والروم؟ فقال: «ومن الناس إلا أولئك» .[107]
- – عن أبي واقد الليثي، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط. قال: فمررنا بالسدرة، فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل: {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون} [الأعراف: 138] ، لتركبن سنن من كان قبلكم “[108]
- – عن معاوية، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أهل الكتاب افترقوا في كتابهم على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين ملة، يعني الأهواء، كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة، وإنه يخرج في أمتي أقوام تجاري بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب لصاحبه، ولا يبقى عرق ولا مفصل إلا دخله»[109]
- – عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، يستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها – أو قال من بين أقطارها – حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا ” . [110]
وزاد أحمد : “ألا وإني أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان ” .
9 – عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين أحفوا الشوارب، وأوفوا اللحى» . [111]
10 -عن أنس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا اليهود وصلوا في خفافكم ونعالكم فإنهم لا يصلون في خفافهم، ولا في نعالهم.[112]
وفي خلاصة التشبه : أنَّ النَّبيَ صلى الله عليه وسلم ورد نهيه عن التشبه في خمسة أشياء وهي :
1 – ورد النهي عن التشبه بالكفار .
2 – وكذلك ورد النهي عن التشبه بالشيطان عياذاً بالله من شره .
3 – وورد نعن النبي صلى الله عليه وسلم في المتشبهين من الرجال بالنساء ،
4 – والمتشبهات من النساء بالرجال .
5 – وورد النهي في التشبه ببعض الحيوانات مثل الكلاب والسباع ن خاصة في الصلاة .
الفصل السادس : أحكام الإقامة في بلاد الكفار ؛ وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : الإقامة بين الكفار لمن أسلم وهو في دار الكفر.
المبحث الثاني :حكم السفر الى بلاد الكفر .
المبحث الثالث :إلتجاءالمسلمين الى الدول الكافرة .
المبحث الأول: الإقامة بين الكفار لمن أسلم وهو في دار الكفر:
الإقامة في بلاد الكفر لغرض الدعوة الى الله جائزة لمن يقدر بل مندوبة ، لما يرجى من ذلك من المصالح الدينية والدنيوية بشرط أن يكون قادراً على إظهار دعوته وشرائع دينه ، وهكذا الحكم في إقامته من أجل مصلحة تهمُّ المسلمين ؛ كتعلم نوع من العلوم أوصنعة من المصانع أو نحوهما مما تحتاجه الأمة المسلمة ولا يوجد في ديارهم ، أو ليكون سفيراً عندهم للدولة الإسلام ، فكل هذا مما يسوغ للمسلم البقاء في ديار غير ديار المسلمين بالشرط الذي ذكرناه آنفناً ، لما فيه من المصلحة الراجحة للمسلمين .
أما من لم يستطع إظهار دينه فلا يجوز له البقاء عندهم بل لا يجوز أن يسافر إليهم إلّا للضرورة .
وهذا الحكم لمن أسلم وهو في دار الكفر ، فإن كان يستطيع مجاهرة دينه جاز له البقاء وإن لم يستطع وجب عليه الهجرة إلى دار الإسلام إن أستطاع ذلك وإلّا فينتظر الفرج من الله .
وبهذا التفصيل يجمع بين الأدلة الواردة في هذا الشأن والتي من أبرزها :-
1 – قول الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 97 – 99]
2 – عن جرير بن عبد الله، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود، فأسرع فيهم القتل قال: فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمر لهم بنصف العقل وقال: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين». قالوا: يا رسول الله لم؟ قال: «لا تراءى ناراهما». [113]
3 – عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم افتتح مكة: «لا هجرة، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم، فانفروا، فإن هذا بلد حرم الله يوم خلق السموات والأرض، وهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاها»، قال العباس: يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم، قال: قال: «إلا الإذخر» . [114]
4 – عن عطاء بن أبي رباح، قال: زرت عائشة مع عبيد بن عمير الليثي، فسألناها عن الهجرة فقالت: «لا هجرة اليوم، كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى الله تعالى، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، مخافة أن يفتن عليه، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، واليوم يعبد ربه حيث شاء، ولكن جهاد ونية».[115]
وإذا كان بعض العلماء قد ذهب الى القول لا هجرة بعد فتح مكة وأنَّ الواجب الباقي هو الجهاد والنية الحسنة ؛ أخذاً بظاهر الحديث ، ولكن جمهور الفقهاء ذهبوا الى أنَّ الهجرة باقية الى قيام الساعة ، وأولوا الحديث “لاهجرة بعد الفتح” أي لاهجرة من مكة لأنها أصبحت دار إسلام ، ولاهجرة الى النبي صلى الله عليه وسلم ، أي لايقصد اليه ، وأمّا الهجرة من دار الكفر باقية .
وقول جمهور الفقهاء الأخير هو الصواب والحق إنشاء الله . بل حكى ابن كثير وبدرالدين العيني وغيرهما الإجماع على أنَّ الآية عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة ، وليس متمكناً من إقامة الدين ، فهو ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع .
ولذا تجب الهجرة على من خشي الفتنة في دينه ولم يستطع إظهارها واستطاع الخروج ، وإذا لم يهاجر وحالته هذه فلا شك أنَّه قد والى الكفار وارتكب خطيئة .
وهذا حكم من أسلم وهو في دار الكفر ؛ وقد أفتى أهل العلم المعاصرين بأنّ الأصل عدم جوازها لوضوح الأدلة الواردة على تحريمها من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ولإجماع الذي نقله الإمام ابن كثير وبدر الدين العيني .
المبحث الثاني : حكم السفر الى بلاد الكفر :
السفر الى بلاد الكفر لايجوز لأنَّ في هذازمن قدكثرت بينهم الفواحش وتفنَّنوا بها حتى أصبحت من عاداتهم واعرافهم ولا ينكرها عندهم أحد إلَّا عابوه بل أصبحت الفواحش من إقتصادم من جهة ومن سلاحهم من جهة أخرى .
فمثل هذه البلاد إذا سافر إليها المسلم ليعيش فيها فقد عرض نفسه للفتن لكثرة الفواحش؛ وإذا أراد أنْ يلتزم بدينه أو يربِّي أولاده على دينه الإسلام آذوه وحاولوا تفتينه وإذا رأو صلابته في دينه عابوه.
وكثيراً ما نسمع أنَّ الوالدين يُؤخذ منهم أولادهم إلى حضانة كنائسهم . وفي هذا الأسبوع سمعنا من إذاعة ( ب ب سي ) أنَّ والدين صوماليين مقيمين في إسويد أُخِذ منهما سبعة من الأولاد ثمَّ ولدت الأمُّ ولدها الثامن في المستشفى فأُخذ منها خلال ساعات ، وهذه ليست هي الواقعة الوحيدة بل نسمع أمثالها شبه أسبوعي .
والسفر والإقامة في بلاد الكفر إنَّما نهي عنهما لأنَّهما ذريعة للفساد ، إمَّا فساد شبهات والفواحش ، وإمَّا فساد الدِّين وإفتتان المرء عن دينه .
والشريعة الإسلامية تحرم الإقامة في بلاد الكفار سداً للذريعة إلَّا لحاجة ضرورية معتبرة شرعاً ، كعلاج لايوجد عند المسلمين أو دعوة الى الإسلام أو تعليم حاجتها ماسة لاتوجد في بلاد المسلمين لمن هو أهل لها بشروطه السابقة الذكر .
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : وما كان منهياً عنه لسد الذريعة لا أنَّه مفسدةً في نفسه : يشرع إذا كان فيه مصلحة راجحة . [116]
ووجود مصلحة راجحة تتصور في مسألتنا هذه إذا توفر فيه شرطان هامَّان عند المسافر الى بلاد الكفر والمقيم فيها :
الشرط الول : أنْ يتمكن من إظهار دينه وممارسة شعائره ، وأن يغلب على ظنِّه الأمن من فتنة الشبهات والشهوات المبذولة هناك بيسر .
الشرط الثاني : أن يكون هناك مصلحة راجحة في سفره وإقامته في بلاد الكفر لا يمكن تحقيقها في بلاد المسلمين كطلب علم مهم لا يوجد في بلاد المسلمين أو دعوة الى دين الله ، أو نحو هذا .
وهذا معنى قول ابن عثيمين ؛ فقال الشيخ رحمه الله تعالى : ” السفر الى بلاد الكفار لا يجوز إلَّا بثلاثة شروط :
الشرط الأول : أن يكون عند الإنسان علم يدفع به الشبهات .
الشرط الثاني : أن يكون عنده دين يمنعه من الشهوات .
الشرط الثالث : أن يكون محتاجاً الى ذلك .
فإن لم يتم هذه الشروط فانَّه لا يجوز السفر الى بلاد الكفار لما في ذلك من الفتنة أو خوف الفتنة …..” .[117]
والخلاصة من كلام العلماء ؛ هناك أسباب وشروط ؛ أسباب تبيح للمسافر سفره الى بلاد الكفار ، وشروط أخرى يشترط لشخصية المسافر ؛ فإذا لم يكن هناك سبب إختلَّ شرط من شروط الشخص ولا يحلُّ له السفر الى بلاد الكفار .
أولاً : الأسباب التي يذهب بها المسافر الى بلاد الكفار :
- أن يكون سفره لسبب دعوة الى الله تعالى .
- أو أن يذهب الى بلاد الكفار لسبب علاج لا يوجد عند المسلمين .
- أو يذهب لتعلم علم مهم لا يوجد عند المسلمين وفيه حاجة ملحة للمسلمين .
ثانياً : شرط المسافر الى بلاد الكفار :
- أن يتمكن من إظهار دينه وممارسة شعائره ؛ وإلّا لايجوز له ذهابه الى بلد لا يجاهر دينه ولا يتمكن ممارسة أعمال دينه .
- وأن يغلب على ظنّه الأمن من فتنة الشبهات والشهوات المبذولة هناك بيسر .
- أن يكون عند الإنسان علم يكفيه يدفع به الشبهات .
- أن يكون عنده دين وسلوك يمنعه من الشهوات .
المبحث الثالث : إلتجاء المسلمين بالدول الكافرة :
إلتجاء المسلمين الى دول الكفار وأوطانهم لا يخلو على أمرين :
- أن يكون إلتجاؤه على إختياره .
- أن يكون إلتجاؤه عن إضطرار وإكراه .
- فإن كان إلتجاؤه بقصد الفرار من المسلمين والإلتحاق بالكفار ومناصرتهم ، فهذه ردة عن الإسلام وخروج عنه مهما كانت الأسباب والظروف – عياذاً بالله من هذا – وهذه حقيقة الموالات المنهي عنها ؛
وقال الله عن هذا : { لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: 28] .
ومعنى ذلك : لاتتخذوا، أيها المؤمنون ، الكفار أنصاراً توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين ، وتدلّونهم على عورات المسلمين فإنه من يفعل ذلك “فليس من الله في شيء” يعني بذلك : فقد برئ من الله برئ الله منه ، بإرتداده عن دينه ودخوله في الكفر ” إلَّا أنْ تتقوا منهم تقاة”، إلَّا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم ، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم ، وتضموا لهم العداوة ، تشايعوهم على ماهم عليه من الكفر ، ولا تعينوهم على مسلم بفعل [118] .
ويترتب على هذا الإلتحاق بالكفر ما يترتب من الآثام والأحكام على الإرتداد .
2 – وأما إذا كان إلتجاءه بالكفار بسسب الإضطرار فهذا له حكم آخر وهو نوعان :
النوع الأول :
نوع يلتجؤ الى الكفار لإضطرار وإكراه وهي الخوف من بطش حاكم ظالم ، فلو قدر أنَّ مسلماً أوذي – بغير حق – في دار الإسلام أو هدده صاحب سلطة ظالم فهذا يجوز له أن يلتجأ الى الكفار ؛ ومن أدلته :
1 – أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم لما مات عمه أبو طالب واشتد أذى قريش عليه خرج من مكة قاصداً الى الطائف ، يأمل منهم الإيواء والنصرة فطردوه ، فرجع الى مكة وطلب من مطعم بن عدي وهو من المشركين أن يدخله في جواره فقبل مطعم ونادى في الناس :”يامعشر قريش إنِّي قد أجرت محمداً فلا يهجمه أحد منكم”. [119]
2 – ما روت عائشة رضي الله عنها : فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة، حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة، فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي، قال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج، إنك تكسب المعدوم وتصل الرحم، وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق، فأنا لك جار ارجع واعبد ربك ببلدك، فرجع وارتحل معه ابن الدغنة، فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش، فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم، ويحمل الكل ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق، فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة، وقالوا: لابن الدغنة: مر أبا بكر فليعبد ربه في داره، فليصل فيها وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا،…… [120]
3 – عن أمِّ سلمة زوج النبي رضيالله عنها قالت : قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ رَأى ما يُصيبُنا مِن البلاءِ: «الحَقوا بأرضِ الحبشةِ فإنَّ بها ملِكاً لا يُظلمُ أحدٌ عندَه، فأَقيموا ببلادِهِ حتى يَجعلَ اللهُ مخرجاً مِما أَنتم فيه» [121]
4 – و الآثار الواردة في هذا : أن الإمام محمد بن مسلم الزهري – رحمه الله – هدده الوليد بن يزيد ، ونذر دمه في عهد هشام بن عبدالملك ، فعزم الزهري على الفرار الى أرض روم إن مات هشام ، ولكنَّه توفي قبل هشام .
والإلتجاء الى الكفار لايجوز إلَّا إذا توفرت له الشروط التالية :
- – أن يصل ذلك الى حد الإكاه .
- – أن لا يجد من المسلمين من يؤويه وينصره .
- – وجود الأمن في بلد الكفار ، وإلَّا لم يجز له إلتجاؤه إليهم لئلا يفتتن .
- – ان يغلب على ظنِّه انَّ الكفار لن يحضروه ضد المسلمين ، فإن خشي ذلك لم يجز له لجوؤه إليهم .
فإن توفرت له هذه الشروط جاز له أن يلتجئ الى الكفار – سائلاً ربه العافية في الدنيا والآخرة ، وحذراً من مكر الكافرين وكيدهم .
ولكن لابد من الإشارة والتنيه عليه لو إضطر المسلم الإلتجاء الى دولة كافرة كما حصل في هجرة الصحابة الى الحبشة ، أن تلك الهجرة مؤقتة وليست دائمة ، فمتى زالت الضرورة واستشعر المسلم بشيء من الأمان في وطنه ، وحرية التحرك والتنقل والفسحة في الخيارات فيجب عليه في حينها الإنتقال الى وطنه وحفظ دينه وعقيدته وذريته ، وتقديم ذلك كله على جميع المقاييس المادية مع الصبر على شظف العيش وضيق الرزق لأنَّ ضرورة الدين مقدم على كل شيء فتأمل.
ومع ذلك فليُتنبه على أنَّ مقصود الهجرة الأصلية إجتماع قوة المسلمين ، وبناء دولة ذات سيادة مستقلة لهم ، ودفاع بيضة المسلمين ، ونصرة مستضعفيهم ، ونشر دعوة الإسلام ، وقتال من صدَّ عنها .
والنوع الثاني :
هوالذي يهاجر من بلاد المسلمين الى بلاد الكفر بسسب ظروفه المعيشية الصعبة ولا يتمكن من تهيئة الوسائل و الأسباب للكسب ، فهذا يجوز له هجرته الى الكفر بشرط :
1 – ألَّا يجد كسباً وعملاً في أيِّ بلدٍ من بلدان المسلمين .
2 – أن يستطيع العمل بدينه بحرية تامة .
- – أن لا تكون الدار دار حرب .
4– أن يكون عمله من كسب حلال .
نسأل الله ربَّنا سبحانه وتعالى أنْ يهدينا سبل السلام ، ويثبتنا على دينه وعلى طاعته ، ويعلمنا ما ينفعنا في ديننا ودنيانا إنَّه وليُّ ذلك والقادر عليه .
الخاتمة :
وقد وصلنا نهاية بحثنا هذا ونستطيع أن نلخص ما يحتويه البحث ؛ والكلامُ عن جوانب التعامل مع غير المسلمين كثيرة ومتعددة وإنِّي لم أقم ببحث كثير من جوانبه لضيق الوقت .
ومن الجوانب التي تطرقتُ بها في البحث :
1 – الإستعانة بالكفار في حالة القتال على غير المسلمين وإختلاف العلماء في المسألة على قولين ومناقشة أقوالهم والراجحُ فيها تحريم إستعانة الكفار على الكفار إلَّا لضرورة مع شروطها .
2 – الإستعانةبالكفار في قتال المسلمين من أهل البغي وغيرهم ، واختلف العلماء فيه على قولين والراجح أنَّه لا يجوز إستعانة الكافرين في قتال المسلمين بغاتهم وغير بغاتهم لأنَّه قد اتضح لنا عدم استعانة الكفار على الكفار إلَّا لضرورة وشروط حاسمة فالمسلم من الباب الأولى أن لا يستعان عليه في قتاله .
3 – القتال على البغاة و فيه قولان ؛ قوم منعوا قتال أهل البغي ، وقوم جوزوه ولكن الراجح يقاتلهم الإمام حتى يرجعوا الى الصواب . والمسلمون وحدهم هم الذين يقاتلون البغاة مع إمامهم .
- – من يخضع لأحكام الإسلام من الكفارين ومن لايخضع وكيفية تعاملهم :
أ – يخضع لأحكام الإسلام ويلتزم بها في جميع أزمانهم وهم الذميون ؛ تجري عليهم أحكام الإسلام ، فعليهم واجبات ولهم حقوق ، وهم من المواطنين .
ب – من يخضع لأحكام الإسلام مدة من الزمن وهم المستأمنون فتجري عليهم أحكامنا زمن وجودهم فيمنا فنسمِّعهم القرآن ونبلغهم الدعوة فإن أسلموا وإلَّا فنبلغهم مأمنهم ، فإذا بلغ الى وطنه فحكمه حكم من في وطنه . وإذا طال زمن وجوده فينا أو تزوج ذمية أو إشترى أرضاً خرِّيجة ينقلب الى ذمي .
جـ – من لايخضع لأحكام الإسلام ولا يلتزم بها على الإطلاق وهم المعاهدون بل حفظنا لهم عهدهم مدة صلاحيته .
د – والحربيون معاملتهم قطع العلاقة معهم إن وجدت ، وإظهار الشدة والقوة أمامهم ومحاربتهم بكل الوسائل الممكنة ؛ ولا يجوز لأيِّ فرد من المسلمين أن يصادقهم أو يفضي اليهم بشيء من أسرار المسلمين .
وقد تكون جائزة معاملة الدولة الإسلامية مع أفراد الحربيين لمصلحة الأمة الإسلامية كإستعمالهم لبعض الأخبار الخاصة ، بل قد تكون المعاملة بين الدولة الإسلاية ودولة حربية لكن في نطاق ضيق إذا رأى الإمام مصلحة في ذلك .
4 – المعاملات المباحة مع غير المسلمين التي يكون فيها تعاون مشترك بين المسلمين وغير المسلمين مثل البيع والشراء والقرض والتعليم والطب والهندسة والحرف النافعة ؛ مع عدم موالاتهم واتخاذهم أخلَّاء .
وهناك أمور لايجوز التعامل معهم مثل الربا وبيع المصحف لغير المسلم ، وبيع العبد المسلم لهم ، وبيع السلاح لغير المسلمين ذميهم وغير ذميهم ، وبيع وشراء الخمر .
وعدم الإستيهاب والاستقراض الربوي من الكفار لما فيه من الضرر على المسلمين ؛ والإستيهاب هو طلب الهبة والمعونة منهم وهي المسألة ، والمسألة لاتجوز على أساسها .
5– التشبه بالكافرين وهو أمر لا يجوز ولا يحق للمسلم أن يتشبه بهم لكثرة النهي الوارد عليها من القرآن والسنة ولصراحة هذه الأدلة ، ولما فيه من الولاية لهم والذلّ والحقارة للمسلمين .
6 – عدم الإقامة بينهم وهي ثلاث حلات :
أ – من كان منهم وفي بلادهم إذا أسلم تجب عليه الهجرة إذا لم يكن مستضعفاً .
ب – لايجوز السفر إليهم إلّا في حلات ضرورية ضيقة .
جـ – لا يجوز الإلتجاء اليهم إلَّا لضرورة مع شرطها المشترط عليها .
وتمَّ الى هنا ما قصدنا جمعه من مادة : ” الإستعانة بالكفار ن أحكامه وأدلتها ” .
والحمد لله رب العالمين على ماوفقنا ويسره علينا من إتمام المادة وعلى جميع نعمه الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى ، وصلى الله وسلَّم وبارك على نبينا محمد سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدِّين .
تم جمعه في 22/ذي الحجة/1441هـ الموافق 12/8/2020م
وحررته مرة أخرى بعد ضياع النسخة الأولى من الحاسوب في يوم الإثنين ، بتاريخ : 10/رمضان/1446ه الموافق 10/3/2025م . والحمد لله على توفيقه .
المصادر والمراجع :
1– القرآن الكريم .
2– الصحيح البخاري .
3– الصحيح المسلم .
4– سنن أبي دود .
5– سنن الترمذي .
6 – السنن الكبرى للنسائي .
7 – مسند الإمام أحمد .
8 – السنن الكبرى للبيهقي .
9 – صحيح ابن حبان .
10 – المستدرك على الصحيحين للحاكم .
11 – سنن البزار .
12 – مصنف ابن أبي شيبة .
13 – مستخرج أبي عوانة .
14 – منهج الشيخ عبد الرزاق العفيفي … في تقرير العقيدة ….
15 – الخلاصة في فقه الأقليات .
16 – الدرر السنية في الكتب النجدية .
17 – زاد المعاد لابن قيم الجوزية .
18 – فتح الباري لابن حجر العسقلاني .
19 – الجامع الصحيح للسنن والمسانيد لصهيب عبدالجبار .
20 – الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم .
21 – كنز العمال لتقي الدين الهندي .
22 – مجلة مجمع الفقه الإسلامي ؛ التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة .
23 – السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار للشوكاني .
24 – فتح القدير للإمام الشوكاني .
25 – الأعمال الفدائية وصورها وأحكامها ؛ بحث ماجيستير لسامي بن خالد الحمود .
26 – الموسوعة الفقهية الكويتية ؛ الصادر من وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية .
27 – مغني المحتاج .
28 – أحكام القرآن للخصاص .
29 – الأم للإمام الشافعي .
30 – شرح نواقض التوحيد احسن بن علي العواجي .
31 – أصول التاريخ والفرق الإسلامية .
32 – التعامل مع غير المسلمين د عبدالله الطريقي .
33 – تفسير الطبري .
34 – مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية .
35 – الردة عن الإسلام لكمال الدين القاري .
36 – الموالات والمعاداتفي الشريعة الإسلامية د محماس الجلود .
37 – الولاء والبراء في د محمد سعيد القحطاني .
38 – نواقض الإيمان القولية والعملية د عبد العزيز بن محمد عبدالطيف .
39 – نواقض الإيمان وضوابط التكفير عند السلف د محمد بن عبدالله الوهيب .
40 – المحلّى لابن حزم .
41 – أحكام أهل الذمة .
42 – مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز .
43 – مجموعة التوحيد .
44 – الموسوعة الميسرة في التاريخ الإسلامي لمجموع من الباحثين .
45 – النظام السياسي في الإسلام .
46 – تفسير ابن كثير .
47 – الأكام لابن العربي .
48 – إيثار الحق على الخلق .
49 – أحكام التعامل مع غير المسلمين ولاستعانة بهم د عبدالحكيم أحمد محمد عثمان .
50 – زاد الميسر .
51 – المطلع على أبواب الممقنع للبعلي .
52 – الخلاصة في فقه الأقليات لعلي بن نايف الشحود .
53 – شرح صحيح مسلم للنووي .
54 – فقه اليوع لمحمد الفراج .
55 – فتح المقنع شرح لامية الأفعال .
56 – لقاق باب المفتوح .
57 – اللقاء الشهري .
58 – مكارم الأخلاق للخرائطي .
59 – شرح منتهى الإرادات .
60 – شرح الممتع على زاد المستقنع لمحمد ابن عثيمين .
61 – توضيح الأحكام من بلوغ المرام لعبد الله البسام .
62 – شرح بلوغ المرام لعطية سالم .
63 – موسوعة الأحكام الطاهرة .
64 – معجم ابنعساكر .
65 – عمدة القاري للعيني .
66 – مجموعة الفتاوى لابن العثيمين .
67 – تاريخ الطبري .
68 – تاريخ الإسلام للذهبي .
الفهرسة:
Contents
الإستعانة بالكفار؛حكمها وأدلته. 1
الفصل الأول : الإستعانة بالكفار في قتال الكفار ؛ وفيه ثلاثة مباحث : 8
المبحث الأول : أقوال المجيزين في الإستعانة بالكفار في قتال الكفار وأدلتهم . 9
المبحث الثاني أقوال المانعين للإسعانة بغير المسلمين وأدلتهم : 13
المبحث الثالث : مناقشة الأدلة والرجيح : 17
الفصل الثاني : الإستعانة بالكفَّار في قثال المسلمين ؛ وفيه مبحثان : 21
المبحث الأول : الإستعانة بالكفّار في قتال أهل البغي : 21
المبحث الثاني : الإستعانة بالكفار في الدولة المسلمة : 30
الفصل الثالث : كيفية التعامل مع الكفار ؛ وفيه ثلاثة مباحث: 40
المبحث الأول : من يخضع لأحكام الإسلام ويلتزم بها وهم الذّميون : 40
المبحث الثاني : من يخضع لإحكام الإسلام مدة من الزمن وهم المستأمنون : 45
المبحث الثالث : من لا يخضع باحكام الإسلام ؛ وفيه نوعان : 52
الفصل الرابع : المعاملات المباحة مع غير المسلمين ؛ وفيه أربعة مباحث : 62
المبحث الأل : التعامل مع غير المسلمين في بيع والشراء : 62
المبحث الثاني : ما لا يجوز عبيعها لغير المسلمين : 65
المبحث الثالث : حرمة التعامل مع غير المسلمين في الرِّبا : 69
المبحث الرابع : حكم الإستيهاب من الكفار : 71
المبحث الخامس : التعاون التعليمي مع الكفار : 74
الفصل الخامس : أحكام من تشبه بالكفار ؛ وفيه مبحثان : 83
المبحث الأول : تعريف التشبه بالكفار وضابطه وحكمه . 83
الفصل السادس : أحكام الإقامة في بلاد الكفار ؛ وفيه ثلاثة مباحث : 95
المبحث الأول : الإقامة بين الكفار لمن أسلم وهو في دار الكفر : 95
المبحث الثاني : حكم السفر الى بلاد الكفر : 97
المبحث الثالث : إلتجاء المسلمين بالدول الكافرة : 99
[1] ) صحيح مسلم (2/592) الكتاب: المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلف: مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5.
[2]) من حديث أبي سعيد في صحيح مسلم (1/69) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء:5 .
[3]) صحيح البخاري 4/72الناشر دار طوق النجاة / الطبعة الأولى 1422هـ وصحيح مسلم 1/105 الناسر دار إحياء التراث العربي بيروت ومن مسند أحمد 14/ 454 الناشر مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى 1421هـ 2002م وصحيح ابن حبَّان10/378 الناشر مؤسسة الرسالة بيروت الطبعة الأولى 1408هـ.
[6] ) (زاد المعاد لابن قيم الجوزية ، ( 5/93) الناشر مؤسسة الرسالة بيروت ط: السابعة والعشرون1415هـ 1994م ….
[7] ) السنن الكبرى للنسائي (8/125). الناشر: مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة: الأولى، 1421 هـ – 2001 م عدد الأجزاء: (10 و 2 فهارس)
[8] ) زاد المعاد لابن القيم الجوزية( 3/301) الناشر مؤسسة الرسالة بيروت لبنان /ط:الثالثة1406هـ .
[9] ) فتح الباري لابن حجر ( 5/338) الناشر دار المهعرفة – بيروت 1379 .
[10] ) صحيح مسلم (3/1449) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5
[11] )مصنف ابن أبي شيبة في الأحاديث والآثار (6/487).المؤلف: أبو بكر بن أبي شيبة، عبد الله بن محمد المحقق: كمال يوسف الحوت الناشر: مكتبة الرشد – الرياض . الطبعة: الأولى، 1409 عدد الأجزاء: 7 .ومسند أحمد بن حمبل 25/42 .
[12] ) الكتاب: الآحاد والمثاني (4/97)المؤلف: أبو بكر بن أبي عاصم وهو أحمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد الشيباني (المتوفى: 287هـ)المحقق: د. باسم فيصل أحمد الجوابرة
الناشر: دار الراية – الرياض الطبعة: الأولى، 1411 هـ– 1991م عدد الأجزاء: 6 .{وحسنه البيهقي / السنن الكبرى للبيهقي 3/365} .
[13] ) السنن الكبرى للبيهقي (10/216) المؤلف: أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (المتوفى: 458هـ)المحقق: محمد عبد القادر عطا ، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنات الطبعة: الثالثة، 1424 هـ – 2003 م
[14] ) الكتاب: مسند الشهاب ( 2/159) المؤلف:أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي بن حكمون القضاعي المصري (المتوفى: 454هـ) المحقق: حمدي بن عبد المجيد السلفي الناشر: مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة: الثانية، 1407 – 1986 عدد الأجزاء: 2 .
[15] ) مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة (7 / 1686) .
[16] ) السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار لمحمد بن علي الشوكاني (ص: 947) دارابن حزم ط الأولى .
[17] ) الأعمال الفدائية صورها وأحكامها بحث ماجستير تأليف سامي بن خالد حمود (ص : 339-340) .
[18] ) الموسوعة الفقهية الكويتتية الصادر من وزارة الأوقاف وشئون الإسلام الكويتية ( 4/208).
[19] ) صحيح البخاري المؤلف: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9
وصحيح مسلم (3/1470) المؤلف: مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5 .
[20] ) أخرجه اليخاري (4/200) المؤلف: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ دد الأجزاء: 9 .
[21] ) الكتاب: النجم الوهاج في شرح المنهاج المؤلف: كمال الدين، محمد بن موسى بن عيسى بن علي الدَّمِيري أبو البقاء الشافعي (المتوفى: 808هـ) الناشر: دار المنهاج (جدة)
المحقق: لجنة علمية الطبعة: الأولى، 1425هـ – 2004م عدد الأجزاء:10
[22] ) أحكام القرآن لأحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص ( 5/281)
[23] ) صحيح البخاري (1/19) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422ه وسحيح مسلم (1/81)…..
[24] ) صحيح البخاري (1/35)المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9 . وصحيح مسلم (1/81) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5 .
[25] ) الأم للإمام الشافعي (4/232)
[27]) صحيح البخاري ( 9/22)المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9
[28]) صحيح البخاري ( 8/19 ) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9 . وصحيح مسلم ( 4/ 1985) .
[29]) صحيح مسلم (3/1480) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5
[30] ) وينظر : شرح نواقض التوحيد لحسن بن علي العواجي ص88 وما بعدها ، وضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة لعبدالله بن محمد القرني ص231-141 ونواقض الإيمان القولية والعملية د عبدالعزيز بن محمد بن عبداللطيف ص381.
[31] ) صحيح مسلم (1/69) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5 .
[32] ) أصول وتاريخ الفرق الإسلامية (1/364) بثصرف.
[33]) ينظر : الإستعانة بغير المسلمين في الفقه الإسلامي ، د . عبدالله الطريقي ص73 بتصرف يسير .
[34]) ينظر : نواقض الإيمان القولية والعملية ص381 ، وشرح نواقض التوحيد ص92، والمراجع اللّاحقة في حكم هذه الصورة إن شاء الله .
[35]) ينظر:تفسير الطبري (8/507) ومجموع فتاوى إبن تيمية ( 28/530) ونواقض الإيمان العملية (1/118)
[37] ) ينظر : المحلَّى لابن حزم (12/33) .
[38] ) الكتاب: جامع البيان في تأويل القرآن (6/313) المؤلف: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ) المحقق: أحمد محمد شاكر الناشر: مؤسسة الرسالة الطبعة: الأولى، 1420 هـ – 2000 م عدد الأجزاء: 24
[39] ) فتح العلي الحميد في شرح كتاب مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد (ص: 441) المؤلف: مدحت بن الحسن آل فراج الناشر: دار الأخيار عدد الأجزاء:1.و الكتاب: الولاء والبراء في الإسلام من مفاهيم عقيدة السلف (ص 272)المؤلف: محمد بن سعيد بن سالم القحطاني تقديم: فضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي الناشر: دار طيبة، الرياض – المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى عدد الأجزاء:1.
[40] ) مجموع الفتاوى (28/530) المؤلف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (المتوفى: 728هـ) المحقق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسمالناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية عام النشر: 1416هـ/1995م
[41] ) مجموع الفتاوى (28/534) نفس الطبعة .
[42] ) الكتاب: أحكام أهل الذمة المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ) المحقق: يوسف بن أحمد البكري – شاكر بن توفيق العاروري الناشر: رمادى للنشر – الدمام الطبعة: الأولى، 1418 – 1997 عدد الأجزاء: 3 .
والولاء والبراء في الإسلام (ص: 234) الكتاب: الولاء والبراء في الإسلام من مفاهيم عقيدة السلف المؤلف: محمد بن سعيد بن سالم القحطاني تقديم: فضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي الناشر: دار طيبة، الرياض – المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى عدد الأجزاء:1 .
[43] ) مجموعة رسائل في التوحيد والإيمان (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الأول) (ص: 385)
[44] ) الكتاب : موسوعة الرد على الصوفية ( 212/156)
[45] ) الكتاب : موسوعة الرد على الصوفية ( 212/156) .
[46] ) موسوعة الرد على المذاهب الفكرية المعاصرة ( 38/346 -347) .
[47] ) الموسوعة الفقهية الكويتية ( 38/175). والخلاص في أحكام أهل الدمة (2/175) لعلي نايف حش
[50]) الكتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري المؤلف: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي الناشر: دار المعرفة – بيروت، 1379 رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب عليه تعليقات العلامة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز عدد الأجزاء: 13.
[51]) الكتاب: معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي المؤلف: محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي (المتوفى: 510هـ) المحقق: حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر – عثمان جمعة ضميرية – سليمان مسلم الحرش الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة: الرابعة، 1417 هـ – 1997 م عدد الأجزاء: 8 .
[52] ) الكتاب : اختلاف الدارين وآثاره في أحكام الشريعة الإسلامية (1/186) المؤلف : عبد العزيز بن مبروك الأحمدي الناشر : عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية (أصل الكتاب رسالة دكتوراة) الطبعة : الأولى، 1424هـ/2004م .
عدد الأجزاء : 2 .
[53]) تفسير ابن كثير(4/114) لمؤلف: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ) المحقق: سامي بن محمد سلامة الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة: الثانية 1420هـ – 1999 م عدد الأجزاء: 8 .
[54]) صحيح البخاري (9/97) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9. والكتاب: سنن أبي داود المؤلف: أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السِّجِسْتاني (المتوفى: 275هـ) المحقق: شعَيب الأرنؤوط – محَمَّد كامِل قره بللي الناشر: دار الرسالة العالمية الطبعة: الأولى، 1430 هـ – 2009 م عدد الأجزاء: 7
[55] ) صيح البخاري (1/80) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9. و صحيح مسلم (1/498) المؤلف: مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5 .
[56] ) الكتاب: الاستذكار (5/37) المؤلف: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى: 463هـ) تحقيق: سالم محمد عطا، محمد علي معوض الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الأولى، 1421 – 2000 عدد الأجزاء: 9 .
[57] ) الكتاب: سنن أبي داود (3/84) المؤلف: أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السَِّجِسْتاني (المتوفى: 275هـ) المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد الناشر: المكتبة العصرية، صيدا – بيروت عدد الأجزاء: 4 .
[58] ) الكتاب : اختلاف الدارين وآثاره في أحكام الشريعة الإسلامية(16/19) .
[59] ) مسند أحمد (4/22) المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ) المحقق: أحمد محمد شاكر
الناشر: دار الحديث – القاهرة الطبعة: الأولى، 1416 هـ – 1995 م عدد الأجزاء: 8 (القسم الذي حققه أحمد شاكر .
[60] ) تفسير ابن كثير(4/113) المؤلف: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ) المحقق: سامي بن محمد سلامة الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة: الثانية 1420هـ – 1999 م عدد الأجزاء: 8 .
[61] ) لصحيح البخاري (8/4) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9 . وصحيح مسلم (2/696) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5 .
[62] ) الكتاب: دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم ( 51/7) المؤلف: محمد أحمد إسماعيل المقدم .
[63] ) الكتاب: فتح القدير (5/254) المؤلف: محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ) الناشر: دار ابن كثير، دار الكلم الطيب – دمشق، بيروت الطبعة: الأولى – 1414 ه .
[64] ) إيثار الحق على الخلق (ص408) دار ومكتبة الهلال .
[65] ) صحيح مسلم (1/69) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5. ومسند أحمد (45/136) المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ) المحقق: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرون إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي الناشر: مؤسسة الرسالة الطبعة: الأولى، 1421 هـ – 2001 م .
[66] ) صحيح البخاري (8/6) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء:9
وصحيح وسلم (1/197) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء:5
ومسند أحمد ( 29/340) المحقق: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرون إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي الناشر: مؤسسة الرسالة
الطبعة: الأولى، 1421 هـ – 2001 م
[68]) صحيح البخاري (3/104) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9.
[69] ) صحيح البخاري (3/56) لمحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9 .
[70] ) صحيح البخاري (3/61) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9
[71] ) الكتاب: شَرْحُ صَحِيح مُسْلِمِ لِلقَاضِى عِيَاض المُسَمَّى إِكمَالُ المُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم المؤلف: عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، أبو الفضل (المتوفى: 544هـ) المحقق: الدكتور يحْيَى إِسْمَاعِيل الناشر: دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، مصر الطبعة: الأولى، 1419 هـ – 1998 م عدد الأجزاء: 8 .
[72] ) صحيح البخاري (5/170) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9 . وصحيح مسلم (3/1386) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5 .
[73]) الكتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية مع حاشيته بغية الألمعي في تخريج الزيلعي . (3/392) .المؤلف: جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن محمد الزيلعي (المتوفى: 762هـ) قدم للكتاب: محمد يوسف البَنُوري صححه ووضع الحاشية: عبد العزيز الديوبندي الفنجاني، إلى كتاب الحج، ثم أكملها محمد يوسف الكاملفوري المحقق: محمد عوامة . الناشر: مؤسسة الريان للطباعة والنشر – بيروت -لبنان/ دار القبلة للثقافة الإسلامية- جدة – السعودية . الطبعة: الأولى، 1418هـ/1997م . عدد الأجزاء: 4 .
[74] ) صحيح البخاري (4/56) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9. وصحيح مسلم (3/1490) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5
[75]) ومن الأيات القرآنية التي تتكلم عن خبثهم : {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82)} [المائدة: 78 – 82].
{وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)} [المائدة: 62 – 64].
{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182) الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ} [آل عمران: 181 – 184] .
والآيات اللآتي تدلُّ خبثهم وما ينطوي في صدور الكافرين ( من أهل الكتاب زغيرهم ) كثيرة ومعلومة ، ولا يزالون محاربين الله ورسوله وأولياءه ؛ ولكنَّ الله سبحانه حافظ دينه ، وناصر لأوليائه المجاهدين للدّبِّ عن دينه و القائمين على صراطه المستقيم ويقول الله سبحانه : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9] .
[76]) صحيح البخاري (3/84) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ . عدد الأجزاء:9 . وصحيح مسلم (3/1207) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5 .
[77] ) صحيح مسلم (3/ 1219) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت . عدد الأجزاء: 5 .
[78]) التعامل مع غير المسلمين د. عبد الله الطريقي (ص363) .
[79] ) صحيح البخاري (2/123) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ . عدد الأجزاء: 9.
[80] ) لأنّ المتخصصين بالعلوم الشرعية لايتمُّ بعثهم إلّا الى البلدان المسلمة إذا لم يجدوا تخصصهم في بلادهم . وأنّ البنات لايبعث الى خارج البلاد على الإطلاق لأنّ النّهي قد ورد في منع سفر المرأة بدون محرم ؛ فإذاً لا تخرج من بلدها . وكثرة الكلام والمدندنون حول حقوق المرأة وحقَّ تعليم البنات ليس في شيء من الشريعة ، وكلام المدّعين بحقوق المرأة وعولمتها وأنَّ لها أنْ تسافر وأنْ ، وأنْ ….. فهذه كلها ترّاهات لا أساس لها ولا دليل عليها من الشرع والمسلم واجب عليه تقيده بالشريعة المحمدية .
[81] ) مجموع الفتاوى (4/116) المحقق : عبدالرحمن بن محمد بن قاسم ، الناشر : مجمع ملك فهد للطباعة والمصحف الشريف ، المدينة المنورة ، المملكة العربية السعودية ، عم النشر :1416هـ /1995م .
[82] صحيح مسلم (4/1836) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5 .
[83] ) التعامل مع غير المسلمين د . عبدالله الطريقي ص 407 .
[84] )فتح المتع شرح لامية الأفعال ص 243 .
[85] ) الموسوعة الفقهية الكويتية (12/) .
[86] ) سنن أبي داود (4/44) المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميدالناشر: المكتبة العصرية، صيدا – بيروت عدد الأجزاء: 4 .
ونصنف ابن أبي شيبة (6/471) المؤلف: أبو بكر بن أبي شيبة، عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي (المتوفى: 235هـ)
المحقق: كمال يوسف الحوت الناشر: مكتبة الرشد – الرياض الطبعة: الأولى، 1409عدد الأجزاء: 7 .
[87] ) الكتاب: الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار المؤلف: أبو بكر بن أبي شيبة، عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي (المتوفى: 235هـ) المحقق: كمال يوسف الحوت الناشر: مكتبة الرشد – الرياض الطبعة: الأولى، 1409 عدد الأجزاء: 7.
[88] ) الكتاب: سنن أبي داود المؤلف: أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السَِّجِسْتاني (المتوفى: 275هـ) المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد الناشر: المكتبة العصرية، صيدا – بيروت عدد الأجزاء: 4.
[89] ) موطأ مالك (2/102) المؤلف: مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني (المتوفى: 179هـ) المحقق: بشار عواد معروف – محمود خليل الناشر: مؤسسة الرسالة سنة النشر: 1412 هـ عدد الأجزاء:2 . ومسند الإمام أحمد(7/19) المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ) المحقق: أحمد محمد شاكر الناشر: دار الحديث – القاهرة الطبعة: الأولى، 1416 هـ – 1995 م عدد الأجزاء: 8 (القسم الذي حققه أحمد شاكر) .
[90] ) الدرر السنية في الكتب النجدية (21/17) .
[91]) مسند الشهاب للقضاعي (1/155) المؤلف: أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي بن حكمون القضاعي المصري (المتوفى: 454هـ) المحقق: حمدي بن عبد المجيد السلفي الناشر: مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة: الثانية، 1407 – 1986عدد الأجزاء: 2 .
والجامع الصحيح للسنن والمسانيد(2/291) المؤلف: صهيب عبد الجبار عدد الأجزاء: 38تاريخ النشر: 15 – 8 – 2014 .
والمستدرك على الصحيحين(4/516) المؤلف: أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع (المتوفى: 405هـ) تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الأولى، 1411 – 1990عدد الأجزاء: 4…..
[92] ) السنن الكبرى (1/208) المؤلف: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني، النسائي (المتوفى: 303هـ) حققه وخرج أحاديثه: حسن عبد المنعم شلبي أشرف عليه: شعيب الأرناؤوط قدم له: عبد الله بن عبد المحسن التركي الناشر: مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة: الأولى، 1421 هـ – 2001 م عدد الأجزاء: (10 و 2 فهارس) .
وسنن الدارقطني (2/39) المؤلف: أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار البغدادي الدارقطني (المتوفى: 385هـ) حققه وضبط نصه وعلق عليه: شعيب الارنؤوط، حسن عبد المنعم شلبي، عبد اللطيف حرز الله، أحمد برهوم الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان الطبعة: الأولى، 1424 هـ – 2004 م عدد الأجزاء: 5…..
[93] ) فتح الباري لابن حجر (1/25)
[94] ) مصنف غبن أبي شيبة (6/171) المؤلف: أبو بكر بن أبي شيبة، عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي (المتوفى: 235هـ) المحقق: كمال يوسف الحوت الناشر: مكتبة الرشد – الرياض الطبعة: الأولى، 1409 عدد الأجزاء: 7.
[95] ) الكتاب: تعظيم قدر الصلاة (2/904) المؤلف: أبو عبد الله محمد بن نصر بن الحجاج المَرْوَزِي (المتوفى: 294هـ) المحقق: د. عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي الناشر: مكتبة الدار – المدينة المنورة الطبعة: الأولى، 1406عدد الأجزاء: 2.
[96] ) الدرر السنية في الأجوبة النجدية (1/308) .
[97] ) شرح الممتع على زاد المستقنع لمحمد العثيمين ( 3/72) .
[98] ) المعجم الكبير للطبراني ( 11/252) المؤلف: سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني (المتوفى: 360هـ)المحقق: حمدي بن عبد المجيد السلفي دار النشر: مكتبة ابن تيمية – القاهرة الطبعة: الثانية عدد الأجزاء:25 .
[99] ) أخرحه مسلم في صحيحه (3/1598) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5 .
[100] ) أخرجه مسلم في صحيحه (3/1599) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5 .
[101] ) الدرر السنية في الكتب النجدية (20/441) .
[102] ) سنن أبي داود (4/44) المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد الناشر: المكتبة العصرية، صيدا – بيروت عدد الأجزاء: 4.
ومصنف غبن أبي شيبة (6/471) المحقق: كمال يوسف الحوت الناشر: مكتبة الرشد – الرياض الطبعة: الأولى، 1409 عدد الأجزاء: 7.
[103] ) في صحيح البخاري (4/84) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء 9 . وصحيح مسلم (4/2273) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5 .
[104] )في صحيح البخاري (5/103) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9 . وصحيح مسلم ( 4/1795) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5 .
[105] ) في صحيح مسلم (4/2098) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5 . و سنن الترمذي ( 4/53) المحقق: بشار عواد معروف الناشر: دار الغرب الإسلامي – بيروت سنة النشر: 1998 م عدد الأجزاء: 6 .
[106] ) صحيح البخاري (9/103) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9 . وسنن ابن ماجه (2/1322) المؤلف: ابن ماجة أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، وماجة اسم أبيه يزيد (المتوفى: 273هـ) تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء الكتب العربية – فيصل عيسى البابي الحلبي
عدد الأجزاء: 2 .
[107]) في البخاري (9/102) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9 .
[108] ) الكتاب: المعجم الكبير للطبراني ( 3/244) .المؤلف: سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني (المتوفى: 360هـ) المحقق: حمدي بن عبد المجيد السلفي دار النشر: مكتبة ابن تيمية – القاهرة الطبعة: الثانية عدد الأجزاء:25 .
[109]) المعجم الكبيرللطبراني (19/377) . المحقق: حمدي بن عبد المجيد السلفي دار النشر: مكتبة ابن تيمية – القاهرة .الطبعة: الثانية
عدد الأجزاء: 25
[110]) صحيح مسلم (4/2215) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5. و مصنف ابن أبي شيبة المؤلف: أبو بكر بن أبي شيبة، عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي (المتوفى: 235هـ) المحقق: كمال يوسف الحوت الناشر: مكتبة الرشد – الرياض الطبعة: الأولى، 1409عدد الأجزاء: 7 . ومسند إمام أحمد المحقق: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرون
إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي الناشر: مؤسسة الرسالة الطبعة: الأولى، 1421 هـ – 2001 م .
[111] ) صحيح مسلم (1/222) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت . عدد الأجزاء: 5 .
[112] ) الكتاب: مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار (13/456) المؤلف: أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق بن خلاد بن عبيد الله العتكي المعروف بالبزار (المتوفى: 292هـ) المحقق: محفوظ الرحمن زين الله، (حقق الأجزاء من 1 إلى 9) وعادل بن سعد (حقق الأجزاء من 10 إلى 17) وصبري عبد الخالق الشافعي (حقق الجزء 18) الناشر: مكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة الطبعة: الأولى، (بدأت 1988م، وانتهت 2009م) عدد الأجزاء: 18.
[113]) سنن أبي داود(3/45) المؤلف: أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السَِّجِسْتاني (المتوفى: 275هـ) المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد الناشر: المكتبة العصرية، صيدا – بيروت عدد الأجزاء: 4 . وسنن الترمذي(3/107) المحقق: بشار عواد معروف الناشر: دار الغرب الإسلامي – بيروت سنة النشر: 1998 م عدد الأجزاء: 6 .ومعجم الكبيرللطبراني (2/303) المحقق: حمدي بن عبد المجيد السلفي دار النشر: مكتبة ابن تيمية – القاهرة الطبعة: الثانية عدد الأجزاء:25 .
[114]) صحيح البخاري (3/14) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9.وصحيح مسلم(2/986) المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت عدد الأجزاء: 5 .
[115] ) صحيح البخاري (5/57) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ عدد الأجزاء: 9.
[116] ) مجوع الفتاوى (23/214) .
[117] ) وجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (6/131-132) .
[118] ) تفسير الطبري بتصرف (6/313) بتحقيق أحمد شاكر ، الناشر: مؤسسة الرسالة ، ط: الأولى 1429هـ 2000م .
[119]) زاد المعاد في هدي خير العباد لابن قيم الجوزية ( المتوفى : 751هـ)، الناشر : مؤسسة الرسالة ، بيروت – لبنان ، الطبعة : الثالثة 1406هـ/1986م .
[120]) صحيح البخاري (5/58) المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) الطبعة: الأولى، 1422هـ .
عدد الأجزاء: 9
[121] الكتاب: المخلصيات وأجزاء أخرى لأبي طاهر المخلص المؤلف: محمد بن عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا البغدادي المخَلِّص (المتوفى: 393هـ) المحقق: نبيل سعد الدين جرار الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لدولة قطر الطبعة: الأولى، 1429 هـ – 2008 م .